الساعه الثانيه و20 دقيقه بعد ظهر يوم السادس من اكتوبر . . . المعركه تزداد اشتعالا . . . الضفه الشرقيه للقناه تحولت الى خليه دويها (الله اكبر) . . . المدفعيه المصريه تصوب نيرانها بكثافه . . . طلقات الرصاص تتناثر فى كل اتجاه . . . المهندسون العسكريون يستعدون لفتح ثغرات فى اقوى واطول واعلى خط وقايه سابقا . . . (خط بارليف). . . . . . . . . . .
وفجأه ينطلق الشاب الريفى الاسمر غير مبال بما حوله من اهوال ويتسلق الساتر الترابى ويتخطى حقول الالغام والاسلاك الشائكه ويقفز كالاسد فوق النقطه الحصينه ليجد امامه مجموعه من الجنود الاسرائليين يحاولون الهرب فيصوب نيرانه عليهم بأنتقام وهو يسترجع ذلك المشهد البشع لاغتيال الفريق عبد المنعم رياض بأيدى الصهاينه . . . . ثم يلتف الشاب الاسمر وينتزع العلم الاسرائيلى بكل قوه ويمزقه ويلتقط العلم المصرى من قائدهويكت عليه بدمه (الله اكبر) ويرفعه عاليا خفاقا فوق اول نقطه حصينهتستعيدها قواتنا المسلحه فوق الضفه الشرقيه للقناه وكأنه يقول للعالم ..... سأحفر اسمى فى سجلات التاريخ العسكرى بحروف من ذهب على صفحات من نور .
تلك بأختصار هى قصه البطل (محمد العباسى ) اول من رفع علم مصر على تراب سيناء وكان مشهورا بين زملائه بأسم (محمد أفندى)
وذلك لخفه ظله وهوايته الاولى فى تقليد الشخصيات الهامه فمن هنا اطلق عليه هذا اللقب ما زال يعيش بيننا حتى الان ومنانا ان يطيل الله فى عمره اكثر واكثر فعلى بعد يزيد عن 150 كيلو متر من القاهره وبالتحديد شرق الدلتا بقريه تسمى (القرين) تابعه لمركز ابو حماد بمحافظه الشرقيه .
الاسم \ محمد محمد عبد السلام العباسى
تاريخ الميلاد \ 21 فبراير 1947
محل الميلاد \ القرين -شارع المدارس
تاريخ التجنيد \الاول من يونيه 1967
لقد قدر له ان يبدأ فتره تجنيده بالقوات المسلحه فى فتره من احرج فتراتالعسكريه المصريه على الاطلاق وكان ذلك فى الاول من يونيه عام 1967 اى قبل بدء الحرب بخمسه ايام فقط وذلك تسلم السلاح فى اليوم الثالث من تجنيده وبدأ فى التدريب على اطلاق النار بعد اسبوع واحد فقط ورغم الخشونه المفرطه التى كانت تسيطر على حياه الجندى المصرى فى تلك الفتره وهو يشاهد فى المقابل ترفيه وترفاّ وتأمينا غير عادى للجندى ىالاسرائيلى ... الا انهم لم يستطيعوا الاقتراب من القناه او القيام بأيه عمليه حتى ولو كانت بسيطه خلال تلك الفتره . . . وظل هكذا الحال عده سنوات وهو الجندى يشاهد بعينه كيف قام الاسرائيليون ببناء خط بارليف وتجهيزه وكيف اخرجوا منه فوهات المدافع وخراطيم النابالم الحارقه ..
ويحكى البطل زكرياته قائلا
هكذا سقط الفريق عبد المنعم رياض شهيدا امام عينى
ويقول (( مع استمرار الاستفزازات الاسرائيليه المتكرره التى كنا نشاهدها من لهو وترفيه ونساء عاريات وترف وسب لنا بأقذر الالفاظ محاوله منهم فى اخفات روحنا المعنويه فى ظل الحياه الصعبه جدا التى كانت تسيطر على حياتنا كجنود مصريين من تدريب قاس وروح معنويه ليست بالجيده .... ومع ذلك لم نستطع السكوت حتى قام ضابطا برتبه ملازم اول يدعى (محمد القصاص ) اخذته الحميه وصعد مع بعض القناصه فوق مستشفى (نمره 6) واستطاع ضرب القائد الاسرائيلى بمنطقه العريش وكانت هذه بدايه لنشاط القناصه على طول خط القناه . . .
ورغم الانجاز الذى حققه الملازم محمد القصاص الا ان الاقدار لم تمهله ليفرح بما حققه كثيرا فقد رصده الاسرائيليون فى اليوم الثالث لمصرع القائد الاسرائيلى . ؟ .فسقط شهيدا فى نفس المكان الذى اصاب منه القائد الاسرائيلى
وكانت المفاجأه الكبرى عندما حضر الفريق (عبد المنعم رياض ) ليشد من ازرنا ومشاهده الموقع الذى انطلقت منه الشراره الاولى لنشاط القناصه على طول خط القناه . . . وفجأه اطلق الاسرائيليون قذيفه على موقعنا اسقطت الفريق عبد المنعم رياض شهيدا امام اعيننا وأصابت معه قائد الكتيبه ورئيس العمليات . . . لنفاجأ فى نفس اليوم بأكتشاف جاسوس بين قوات الامم المتحده ومعه اجهزه اتصال بالجهه الاخرى استطاع من خلالها ان يبلغ الاسرائيلين بالتفاصيل الكامله عن الزياره فرصدوا الموقع وأصابوه
ورغم الصدمه التى اصابتنا جميعا واصابت الجيش بأكمله نتيجه لهذا الحادث الا انه زادنا اصرارا على اصرار للدخول فى عمليات اكبر والاخذ بالثأر دون الخوف من الرصاص او العجز او الموت وبالفعل بدأت الاسلحه الحديثه ترد الينا شيئا فشيئا وبدأنا معها مرحله جديده من التدريب حتى بدأت( حرب الاستنزاف) التى كلفت الاسرائيلين خسائر فادحه فى الارواح والعتاد وأظهرت ان المقاتل المصرى بالفعل فى طريقه لتحقيق نصر سوف يذهل العالم بأكمله )))
خلف خطوط العدو من اشهر العمليات المصريه . .
[center]كان الجنود المصرين ومن ضمنهم العباسى افندى ضمن مجموعه الفرقه الرابعه المخصص لها عمليه كل ثلاثه ايام عشوائيه فى الشهر فكان الجنود يتابعون الدوريات الاسرائيليه ويتعرفون على مواقيت مرورها وكانت تلك الدوريات غالبا ما تكون تكون من ثلاثه دبابات تبعد كل واحده منها عن الاخرى مسافه ما بين 50 الى 100 متر تقريبا وتسير فى الدشم كحراسه فى مواقيت مختلفه فكان الجنود المصريين يتسللون على شكل مجموعات تكون كل منها على عشره افراد فيعبرون القناه ليلا ويثبتون الالغام فى طريق تلك الدوريات قبل موعد مرورها وكانت تكلف هذه العمليات الجيش الاسرائيليى خسائر فادحه . . . .
حتى وصفها رئيس الاركان الاسرائيليى (عساف ياجورى ) بعمليات( الشياطين الخفيه )
وكان يتطور الامر فى تلك العمليات لتصل لمرحله كانت تسمى (خطف آسير ) فيقوم الجنود المصريون بالتسلل والعبور عبر القناه والتخفى حتى مرور الدوريه فيقومون بضرب الدبابه الاخيره ثم الاولى ويباغتون الدبابه الوسطى وينقدون عليها ويتم أسرها ومن فيها
وبالفعل مثل هذه العمليات دبت الخوف والرعب فى انفس الجيش الاسرائيلى بأكمله من ضباط وجنود
وبدأت مرحله التوجيه ورفع المعنويات الى ان جاء يوم الجمعه الخامس من اكتوبر \ التاسع من رمضان وصدر امر بعدم الصوم وكان المبر بوجود عمليات تبديل بين القوات الا ان هذا لم يكن سبب لاخفاء احساس الجنود بأن المعركه وشيكه وفى صباح يوم السادس من اكتوبربدأت العمليات للتمويه (بعض الجنود يرقصون - والبعض يغسل ملابسه - البعض يلعب الكره - ومجموعه تأكل - ومجموعه تمص القصب) اى ان الحياه طبيعيه فى الجيش المصرى امام اعين القناصه وابراج المراقبه على طول خط القناه وفى تمام الساعه الثانيه صدر الامر بمهاجمه ابراج المراقبه جميعها وأبادتها على طول خط القناه ومن ان عيون الاسرائيلين فى ابراج المارقبه دمرت تماما كان القصف الجوى والمدفعيه
لشق طريق للجنود للعبور دون خوف او دون اى خطوره من مدافع العدو التى تنتشر على الضفه الشرقيه
وبالفعل نفخت القوراب وعبر الجنود المترجلون وكانت اول مهمه للكتبه الاولى التى عبرت القناه تدمير النقطه الحصينه (1 & 2 )بالقنطره شرق وبعد دقائق حقق الجيش المصرى اول استرداد او اول انتصار فوق تراب سيناء فتم الاستيلاء على النقطتين الحصينتين ( 1& 2) والتأهب لتحقيق حلم طال انتظاره وكانت كل التوقعات العسكريه المصريه ان اول كتيبه ستعبر القناه سوف يموتون جميعا ثم تدخل الثانيه ويموتون جميعا ثم تدخل الكتيبه الثالثه وتنتصر وذلك لشده حصانه النقطه (1 & 2) ولكن حدث غير ذلك فا لكتيبه الاولى التى عبرت للنقطتين الحصينتين انتصرت ومن دون فقد اى جندى !!!!!
ليقول الجندى المصرى انه افضل جندى على وجه الارض
ويقول البطل العباسى
[size=24](((هذه حكايتى مع اول علم مصرى فوق تراب سيناء)))
[center]سرت يبين اصدقائى الجنود نتقل وندمر بمنتهى القوه والقساوه لما رأيناه ولنحقق حلم طال انتظاره وهو استرداد ارض سيناء وانا استرجع ذلك المشهد المؤلم منذ سنوات امام عينى لاستشهاد الفريق عبد المنعم رياض
وبالفعل اثناء المعركه صعدت فوق النقطه الحصينه لأجد امامى مجموعه من الجنود الاسرائيلين يحاولون الهرب فى فزع فأطلقت عليهم النار بأنتقام وكأن المولى عز وجل يهدينى الفرصه لانتقم لرفيقى (محمود عطيه - وعطيه محمود السيد) الذين شاهدتهما يقتلان بمنتهى الوحشيه امام عينى وملىء جثثهم بالالغام للانفجار فى اى جندى يحاول الاقتراب من جسدهم وفى تلك اللحظه اصدر القائد اوامر لزملائى من الجنود بالتسلق والصعود فوق الدشمه الحصينه بنفس طريقتى .. وتبعهم المهندسين العسكريين الذين فضلوا تدمير النقطه الحصينه بالديناميت من اعلى بدلا من اسفل
ثم استدرت لاتناول العلم المصرى من قائد الكتيبه الذى اعطانى اياه تقديرا لى لصعودى كأول فرد من افراد المجموعه فوق المنطقه الحصينه . . فكتبت عليه بدمى (الله اكبر ) ثم أنتزعت العلم الاسرائيلى ومزقته لالآف القطع ووزعته على زملائى للذكرى ورفعت العلم المصرى فوق اول نقطه حصينه نسقطها على ارض سيناء
ونظرت لزملائى فى تلك اللحظه فوجدتهم(((( ما بين باكى بشده وساجد ويقبل الارض . ومن لم يستطع السيطره على اعصابه وفرحته وأخد يضع التراب فى جيوبه . ومن ظل يقبل سلاحه رغم سخونته الشديده . ومن اخد يقول (الله اكبر) حتى يبكى بشده)))
فهذا المشهد لم انساه ولن انساه ما حييت
الخميس أكتوبر 11, 2007 6:50 pm