| باقية رواية عاصفة الموت .. أحلام | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
حمادة الشاعري
| موضوع: باقية رواية عاصفة الموت .. أحلام الإثنين سبتمبر 24, 2007 2:26 pm | |
| الفصل السادس
((مشاعر حارة))
ألقت ساسكيا نظرة خاطفة على أندريس ، ثم عادت تنظر من كوة الطائرة إلى بحر "ايجين" في الأسفل وهي تكبح شهقة سرور . كان مقطبا مشغول البال عندما التقيا في المطار ، حتى إنه لم يسألها عما إذا كانت قد استمتعت بجولتها في المدينة. أرغمها جمود ملامح أندريس على سؤاله ، من باب الأدب لا غير : " هل حدث شيء؟ لا أراك سعيدا ".
فازداد تقطيب أندريس والتفت إليها بحدة وسألها بسخرية : " هل تتدربين على تمثيل الخطيبة المخلصة؟ إذا كنت تتطلعين إلى مكافأة إضافية فلا تزعجي نفسك".
شعرت ساسكيا بعودة شعورها البدائي نحوه وأجابته غاضبة : " أنا لست مثلك ، أقيم كل ما أفعله بقدر الفائدة، كنت قلقة فقط من إن اجتماعك لم يكن ناجحا مع جدك".
- أنت؟ تقلقين لأجلي؟ هناك سبب واحد أنت موجودة لأجله يا ساسكيا ، وكلانا يعرفه، أليس كذلك ؟
ماالذي كان يتوقعه؟ وثار غضبها،وكبحت الجواب الغاضب الذي كانت ستقوله، فهو أحضرها هنا بالإبتزاز،ليستغلها لمصلحته،وقد كون عنها أسوأ فكرة و حكم على أخلاقها دون أن يمنحها فرصة الدفاع عن نفسها وشرح سبب تصرفها تلك الليلة في الحانة ومع ذلك مازال يظن نفسه أسمى خلقاً وندمت على شعورها بالعطف تجاهه في بعض الأحيان هو وأثينا ، يستحقان بعضهما البعض .
لكنها حتى وهي تفكر بغضب وإنفعال كانت تدرك إن هذا غير صحيح ، فقد أحست أن أثينا تمتلك برودة أصيلة ونقصاً كلياً في الإهتمام بأي نوع من المشاعر،
ثم أقرت في نفسها أن أندريس ربما قال أشياء كثيرة لا تعجبها إلا أنه يمتلك مشاعر دافئة ومحمومة للغاية ..
وارتجفت حين تذكرت عناقهما أمام أثينا..
| |
|
| |
حمادة الشاعري
| موضوع: رد: باقية رواية عاصفة الموت .. أحلام الإثنين سبتمبر 24, 2007 2:26 pm | |
| حتى وإن كان ما بينهما تمثيلا إلا إنها شعرت باتصال عميق بينهما .مازال تأثيره يسيطر عليها حتى الآن ثم سمعت أندريس يقول : " حسنا ، في الحقيقة .. إجتماعنا لم ينجح ".
ففتحت عينيها مندهشة بينما أندريس يتابع كلامه
"أولاً.لم يكن جدي هناك.. فقد كان لديه شيء أكثر أهمية على ما يبدو لكنه لسوء الحظ لم يكلف نفسه بشرح ذلك لي أو إرسال خبر يعلمني بعدم مجيئه لقد أنتظرته أكثر من نصف ساعة وعلى كل حال ترك تعليمات بإخباري في أي وقت حضرت بإنه غير مسرور مني حالياً"
- هل هذا بسببي ..؟ بسببنا؟
- جدي يعلم إن لا سبيل إلى تزويجي بامرأة لا أحبها . لقد تزوج زواج حب ، وتزوجت أمي أيضا عن طريق الحب حتى إنها هددت فعلا بالفرار مع أبي إذا لم تحصل على موافقته ، ثم اعترف جدي بمدى إعجابه بأبي وذلك بعد موته لإنه كان مستقلا وناجحا جدا .
- لا بد وإنك تفتقده .
- كنت في الخامسة عشرة عندما توفي ، وإنا بعكسك تعزيني معرفتي بمدى حبه لي .
ظنت ساسكيا إنه يتعمد الفظاظة معها ، فتصلب جسمها على الفور ، لكنه عندما وضع يده على يدها معزيا ، أدركت إنها أساءت تسير ما قال ، وأجابت بحزم وصدق : " الحب الذي غمرتني به جدتي كان أكثر من مجرد تعويض عن افتقادي لحب والدي".
كانت يده ما زالت تغطي يديها .. إنها يد تتجلى فيها الرجولة ، عريضة بحيث إنها كانت كافية لتغطية يديها الاثنتين معا ، ومن نوع الأيدي التي تمنح المرأة الثقة بأن هذا الرجل سيعتني بها وبأولادها . ماهذا الذي تفكر فيه؟ تحركت في مقعدها بتوتر ، نازعة يدها من يده قائلة: " هل أنت واثق من إنها فكرة جيدة؟ أعني إذا كان جدك لا يوافق على خطوبتنا ..".
سألته هذا وهي تلهث قليلاً محاولة تركيز أفكارها على حقيقة سبب وجودها بجانبه
مضت مدة طويل قبل أن يجيب،حتى أبتدت ساسكيا تظن أن سؤالها قد ضايقه، إلا أنها أدركت أن الغضب الذي تراه على ملامحه لم يكن بسببها بل بسبب أثينا عندما قال:
- لسوء الحظ ، أثينا تجعل جدي يشعر بالغرور بافتخارها بقرابة الدم، فأخوه الأكبر،جد أثينا مات منذ سنوات وبينما لم تسمح أثينا لأي شخص على الإطلاق خصوصاً جدي بالتدخل بطريقة إدارتها لمملكتها المالية أخذت تشجعه وتشبع غروره إلى إن أصبح حكمه عليها مغلوطا . أمي تقول إن الحقيقة لا بد وإن تظهر ، وإن يدرك جدي حقيقة مراميها الخفية .
- ولكن لا بد وإنها تدرك إنك لا تريد الزواج منها . | |
|
| |
حمادة الشاعري
| موضوع: رد: باقية رواية عاصفة الموت .. أحلام الإثنين سبتمبر 24, 2007 2:27 pm | |
| فقد كان غريباً على طبيعة ساسكيا محاولة إرغام أحد على إنشاء علاقة معها مما جعل من الصعب عليها تفهم سبب تصرف أثينا بهذا الشكل أجابها أندريس متجهما : " آه ،إنها تدرك ذلك جيدا . لكن أثينا تعودت نيل كل ما تريده ، وحاليا هي ..".
فأكملت له : " هي تريدك".
فقال موافقا بتثاقل : " نعم ، وكلما أردت إخبارها بأنني لا أبادلها رغبتها هذه ، أفكر بجدي ".
ثم سكت عندما بدأت طائرتهما بالهبوط ، و بدت على شفتيه ابتسامة صغيرة عندما رأى ملامح ساسكيا تنظر من النافذة إلى الأسفل ، و هي تشهق غير مصدقة " مستحيل على الطيار إن يهبط في هذه القطعة الصغيرة من الأرض "
فقال أندريس مطمئناً : " آه ، بلى ، سيتمكن من ذلك إنه أكثر أمانا مما يبدو " .
ثم قال لها : " أنظري هنالك".
موجههاً أنتباهها بعيدا عن قطعة الأرض تلك إلى موقع بيت أسرته الذي يخطف الأنفاس بجماله و كذلك الأراضي المحيطة به .
فقالت بتأمل : " كل شيء أخضر "
و اتسعت عيناها و هي ترى الجزيرة البيضاوية الشكل ، و اخضرار بساتينها و نباتاتها يبرز بياض رمال الشواطئ و روعة مياه بحر " إيجة " الفيروزية اللون .
فقال أندريس : " تحتوي الجزيرة على مياه غزيرة ، لكنها أصغر من إن تحتمل زراعة المحاصيل و تربية الماشية ، و هذا السبب في كونها غير مسكونة ، فهي كما ترين بعيدة عن أي جزيرة أخرى .. و هي الأبعد في بحر " إيجة"
فقالت بصوت خافت : " إنها رائعة ، كقطرة لؤلؤ "
ضحك أندريس ، و كان في عينيه شعور جعل وجنتي ساسكيا تحمران قليلاً و هو يقول بهدوء : - هذا ما كانت جدتي تصفها به .
عندما هبطت الطائرة على المدرج ،شهقت ساسكيا مدركة إن أندريس تعمد صرف ذهنها عن هبوط الطائرة الوشيك ، يمكنه إن يكون بالغ الرقة عندما يشاء و ساحراً و سهل التعامل معه و تساءلت بشيء من الكآبة ، ماذا سيكون رأيه فيها لو إنه لم يعرفها في مثل تلك الظروف في الحانة .
| |
|
| |
حمادة الشاعري
| موضوع: رد: باقية رواية عاصفة الموت .. أحلام الإثنين سبتمبر 24, 2007 2:27 pm | |
| و ما لبثت إن سيطرت على أفكارها بحزم ، محذرة نفسها من إن الإستغراق في التصورات و أحلام اليقظة سيزيد الأمور سوءً .
بدت الكآبة في عيني أندريس و هو يقود ساسكيا نحو مخرج الطائرة فهنالك تناقض كبير في الطريقة التي أصبح يرى فيها إلى ساسكيا الآن و الطريقة التي رآها فيا المرة الأولى ، و لراحة باله و اطمئنانه ، تمنى لو بقيت كما رآها للمرة الأولى ، لإن هذا الضعف الذي تجاهد لإخفائه بكل عزم و كبرياء ، قد أثر في نفسه بشكل لا يمكن إن تحدثه برودة مشاعر إمرأة كأثينا .كانت ساسكيا تملك دفئاً و إنسانية و أنوثة مما جعل رجولة أندريس تفيض و تستجيب بشكل بالغ الخطورة .
حاول أندريس متجهماً ، إن لا يدع نفسه يفكر في شعوره عندما عانقها ، فقد فعل ذلك في البداية بشكل غريزي عندما استشعر وجود أثينا في الشقة ، من خلال رائحة عطرها المخيفة الطاغية ،
أما كيف حصلت أثينا على المفتاح فهذا ما لا يعرفه . اشتبه في إنها احتالت بشكل ما ، و أخذته من جده . لكن العناق الذي أغدقة على ساسكيا كوسيلة لتأكيد نبذه لأثينا أرغمه ، بشكل غير متوقع و لا مألوف ، على الإعتراف .. بشيء ما زال يحاول جاهداً إنكاره .
لم يشأ على الإطلاق إن يرغب في ساسكيا ، و حتماً لم يشأ أيضاً الشعور بهذه الرغبة الدائمة في حمايتها و طمأنتها .
كان الطقس في مدينة أثينا حاراً جافاً ، إنما هنا في الجزيرة فالهواء رقيق منعش عطر و مثير للبهجة ، كما وجدته ساسكيا و هي تظلل عينيها من و هج الشمس و هي تخرج من المطار ، و نظرت بشيء من التردد إلى الشخصين الذي كانا واقفين لإستقبالهما .
قال أندريس بصوته الأجش ، وهو يناولها النظارات الشمسية : " خذي يا حبيبتي ، لقد نسيت هذه "
مما زاد في اضطرابها و لكن ليس بقدر ذلك الإضطراب الذي شعرت به و هو يشدها إليه بذراعيه الدافئتين الثقيلتين و يهمس بشكل مسموع : " شمسنا قاسية جداً على عينيك الجميلتين "
شعرت ساسكيا بأصابعها ترتجف و هي تأخذ منه النظارات .
لاحظت إن شعار المصمم المطبوع عليها و هذا يعني حتماً بإنها أغلى ثمناً من أي نظارات شمسية استعملتها قط . و عندما استعادها أندريس منها و وضعها على عينيها برفق ، اكتشفت إنها تناسبها تماماً . مال نحوها إلى الأمام و همس في أذنها بهدوء : " تذكرت إننا لم نشتر واحدة في لندن و أدركت إنك ستكونين بحاجة إلى النظارات ".
و كانت ذراعه ما زالت حول جسمها و ذراعه الأخرى حول كتفيها و كأنه يريد احتضانها أكثر .
و أدركت ساسكيا إنهما على هذه الحال سيبدوان حميمين للغاية لمن يراهما ، و هذا السبب - دون شك – في إعطائها النظارات و احتضانها بهذا الشكل .
حسناً بإمكان الإثنين إن يلعبا بتلك اللعبة ، و دون إن تفكر في التعقيدات الناتجة عما ستفعله ، و ضعت ذراعها حول عنقه رافعة وجهها إليه و هي تجيبه متمتمة : " شكراً، يا حبيبي ، أنت حساس للغاية "
| |
|
| |
حمادة الشاعري
| موضوع: رد: باقية رواية عاصفة الموت .. أحلام الإثنين سبتمبر 24, 2007 2:28 pm | |
| حسناً بإمكان الإثنين إن يلعبا بتلك اللعبة ، و دون إن تفكر في التعقيدات الناتجة عما ستفعله ، و ضعت ذراعها حول عنقه رافعة وجهها إليه و هي تجيبه متمتمة : " شكراً، يا حبيبي ، أنت حساس للغاية "
أدركت مسرورة إنها أدهشته ، رأت ذلك في عينيه ، كما رأت شيئاً خطيراً جعلها تنزع يدها عن عنقه بسرعة ، متراجعة إلى الخلف إلا إنه لم يسمح لها بالإبتعاد كثيراً ، فقد كان ما يزال ممسكاً بيدها ، و هو يقودها نحو المرأتين المنتظرتين ، ثم قال للمرأة الأكبر : " هذه ساسكيا خطيبتي يا 'ماما' ".
| |
|
| |
حمادة الشاعري
| موضوع: رد: باقية رواية عاصفة الموت .. أحلام الإثنين سبتمبر 24, 2007 2:28 pm | |
| أخذت ساسكيا تنظر إليها بحذر ، مدركة إنها لو كانت هي و أندريس مخطوبين حقاً و مغرمين ببعضهما البعض ، لتملكها القلق و هي تنتظر لترى إن كان بإمكانها عقد رباط حقيقي مع والدة أندريس .
كانت الأم تشبه أثينا كثيرا رغم إنها ، طبعاً ، أكبر سناً . لكن التشابه تلاشى عندما نظرت ساسكيا في عينيها و رأت الدفء الذي تفتقده أثينا .
كما بأن على والدة أندريس رقة و حلاوة و خجل تقريبا و أدركت ، ساسكيا بالبديهة ، إنها امرأة إذا أحبت ، تحب رجلاً واحداً و إذا فقدته ، لبست الحداد عليه للأبد .
و بادرت ساسكيا بالقول : " يسرني التعرف إليك ، يا سيدة لاتيمر" .
و لكن والدة أندريس هزت رأسها على الفور ، مؤنبة :
" ستكونين كنتي يا ساسكيا ، و لهذا عليك رفع الكلفة معي ". ثم مالت إلى الأمام واضعة يدها على ذراع ساسكيا و أضافت : " اسمي هيلينا ، أو يمكنك ، إذا شئت مناداتي (ماما) كما يفعل أندريس و ابنتاي ".
ثم نظرت إلى ابنها وقالت بحرارة : " إنها جميلة ، يا أندريس". فوافقها أندريس باسما : " وحتما إنا أراها كذلك ، يا ماما ".
فأضافت الأم برقة : " عنيت ظاهرا وباطنا ". فأجابها أندريس بالحماسة والشعور نفسها : " وإنا عنيت ذلك أيضا".
فحادثت ساسكيا نفسها وهي ترتجف : " يا للسماوات .. إنه ممثل رائع حقا . فلو إنها لم تكن تعلم شعوره الحقيقي نحوها ، لكانت تلك النظرة الشغوف الحانية التي رمقها بها الآن فعلت فعلها .. من الممكن إن .. ".
ثم راحت تفكر ساخطة بأن رجلا مثله يجب إن يحاذر من منح امرأة ضعيفة نظرة كهذه . ونسيت ، للحظة ، إن أندريس ، حتى الآن ، يعتبرها أي شيء ما عدا إنها ضعيفة .
وتابع أندريس تقديم صغرى المرأتين :
" وهذه أوليمبيا أختي ". ورغم إنها سمراء كأمها ، فقد كانت أيضا ذات عينين فاتحتي اللون وابتسامة مرحة جعلت ساسكيا تشعر نحوها بالحرارة على الفور ، وقالت أوليمبيا بعطف : " يا للسماوات ، الحر شديد هنا ، لا بد إن ساسكيا المسكينة تذوب الآن.
فقال لها أندريس :
| |
|
| |
حمادة الشاعري
| موضوع: رد: باقية رواية عاصفة الموت .. أحلام الإثنين سبتمبر 24, 2007 2:29 pm | |
| كان بإمكانكما انتظارنا في البيت ، وإرسال سيارة "اللاندروفر " مع السائق ".
فقالت أوليمبيا وهي تهز كتفيها رافضة : " لا ، هذا غير ممكن ". صدر عن الأم صوت احتجاج خفيف ، فنظرت إليها ابنتها يقلق 0وهي تقول : " حسنا ، يجب إن يعرف ..".
فعبس أندريس وسأل مستفسرا : " علي إن أعرف ماذا ؟".
فقالت الأم بتعاسة :" أثينا هنا ، جاءت منذ فترة وهي ..".
فعاد أندريس وسأل : " وهي ماذا ؟".
فتابعت أمه تقول : " قالت إن جدك قد دعاها ".
فقالت أوليمبيا غاضبة : " إنك تعرف ما يعني هذا ، أليس كذلك يا أندريس؟ هذا يعني إنها ألحت على جدي ليطلب منها البقاء معنا ، وهذا ليس كل شيء ..".
فقالت لها أمها باستياء : " أوليمبيا ..".
لكن أوليمبيا رفضت السكوت فتابعت : " لقد أحضرت معها ذلك الرجل المقزز للنفس "أريستوتل" قائلة إنها تقوم بعمل هام وإنها تحتاجه فهو المحاسب ".
وأضافت اوليمبيا بالقول : " إذا كان الأمر هاما إلى هذا الحد ، من أين وجدت الوقت للمجيء إلى هنا ؟ آه ، كم أكرهها ! هذا الصباح راحت تتكلم وتتكلم عن مدى اهتمام جدي بسير العمل وكيف سألها بإلحاح النصيحة لإنه خائف من إنك ..".
واحتجت الأم مرة أخرى : " أوليمبيا .." وهذه المرة سكتت أوليمبيا ، ولكن لثوان قليلة فقط ، ثم إنفجرت بعدها وكأنها لم تعد تحتمل ، فقالت :" الذي لا أفهمه هو لماذا جدي مأسور بها إلى هذا الحد ، إن ما تفعله واضح، فهي فقط تريد الحصول عليك ، يا أندريس ، لإنك ترفض إن تتزوجها ".
فقالت الأم تعتذر لساسكيا : " إنا آسفة لهذا ،فالأمر غير سار لك ، لم تتعرفي إلى أثينا بعد ،أنا أعرف ..".
فقاطعها أندريس شارحا لأمه وأخته : " لقد تعرفت عليها ساسكيا . فأثينا استطاعت ، بطريقة ما ، الحصول على مفتاح شقتي في لندن".
فقالت أوليمبيا لساسكيا : " إنها سيئة للغاية ، أليس كذلك ؟ إنا أسميها (العنكبوت الأرملة السوداء) ".
فقال أندريس مؤنبا بحدة : " أوليمبيا !". فقالت له وهي تنظر إلى أمها : " ماما لم تخبرك بكل شيء بعد ، لقد أصرت أثينا على الاستيلاء على الغرفة التي أعدتها أمي لساسكيا ، وهي الغرفة التي بجانب جناحك ..".
فقاطعت الأم ابنتها بحزن : " حاولت منعها ، يا أندريس ، ولكنك تعرف عنادها وقالت لي إن بإمكان ساسكيا أخذ الغرفة الكائنة آخر الممر . أنت تعرفها ، إنها الغرفة التي نستعملها عند الحاجة ، حتى إنه لا يوجد فيها سرير جيد ، عليك إن تقول شيئا يا أندريس . دعها تفهم إنه ليس بإمكانها.. ليس بإمكانها إشغال تلك الغرفة لإن ساسكيا ستستعملها ".
فقال أندريس معارضا أمه وهو يحتضن ساسكيا بشدة ويضمها إليه حتى أخفى وجهها في صدره : " لا ، لن تستعملها . ساسكيا ستشاركني غرفتي.. وسريري..".
أحست ساسكيا بالصدمة تستولي عليهما رغم عدم استطاعتها رؤية وجهيهما . لقد أدركت الآن سبب احتضانه لها بهذه الشدة . . ذلك ليمنع أي شخص آخر من رؤية ما يرتسم على وجهها من تعبير خائف ، أو يسمع الاستنكار المذعور الذي حاولت إظهاره ، فاختنق في قميصه.
ليس هناك ما يجعلها تقبل شيئا كهذا ، لكن محاولاتها لقول هذا لأندريس زادت من التصاقها به وهي تحاول النظر إلى وجهه . تجاوبه مع محاولاتها جذب أنتباهه ، جعل الوضع أسوأ ، لإنه عندما أحنى رأسه وكأنه ملهوف إلى سماع ما تريد قوله، احتكت شفتاها بذقنه.
لا بد إن امتزاج الحرارة بالصدمة هو ما أرسل تلك المشاعر تنساب في كيانها ، وجعلها تشعر بالدوار .
وبانت الصدمة على وجه أوليمبيا التي تساءلت بصوت خافت متلعثمة: "ساسكيا ستشاركك غرفتك؟".
وشعرت ساسكيا بصدمة أوليمبيا وفكرت بأن الحرج منع أمه عن الكلام.
فقال أندريس ملاطفا أخته: " إننا مخطوبان .. وقريبا سنتزوج..".
ثم أضاف ، بلهجة أكثر خشونة وتملكا : " ساسكيا لي ، وأريد إن يعلم هذا كل إنسان وخصوصا أريستوتل ، لا أدري كيف بإمكان أثينا إن تحتمله ". فقالت أوليمبيا وهي ترتعش : " إنه كالحية ، يا ساسكيا ، بارد لزج، ذو عينين صغيرتين مخيفتين ويدين رطبتين ..".
فقال أندريس بجفاء: " أثينا تحتمله لإنه ذو مهارة "خلاقة" في المحاسبة".
فسألته أوليمبيا بحدة : "أتعني إنه غير نزيه !".
فقال أندريس محذرا أخته : " أنت لم تسمعي ذلك مني".
ثم قادهن نحو سيارة "اللاندروفر" المنتظرة .
أثناء كلامهم ، كان السائق قد حمل أمتعة أندريس و ساسكيا ، وعندما أمسك بالباب ليفتحه للنساء الثلاث ، سمعت ساسكيا أندريس يسأله عن أسرته ، مصغيا باهتمام بينما أخبره السائق مزهوا عن ابنه الذي بات في الجامعة .
وقالت أوليمبيا لساسكيا : " لم يكن جدي مسرورا أبدا عندما قال أندريس إنه يريد استعمال المال الذي تركه لنا أبونا ليساعد في دفع نفقات تعليم موظفي منزلنا ".
فاعترضت أمها قائلة : " أوليمبيا ، أنت لا تنصفين جدك تماما بقولك هذا". فسألتها ساسكيا :" هل فعل أندريس هذا ؟". رافضة بعناد الاعتراف بحبه للاحسان .
هل كان يعني حقا ما قاله عن إنها ستشاركه غرفته؟ ولكن لا يمكنه فعل ذلك ، طبعا . إنها ، شخصيا ، لا تهتم بالمكان الذي تنام فيه .. حتى ولو كانت غرفة دون سرير وغير مستعملة ، طالما تستعملها وحدها.
قال أندريس : " لقد أمضينا يوما شاقا وأظن إن ساسكيا تريد إن ترتاح قبل العشاء ".
وتوقفت السيارة بهم في فناء مبلط تتوسطه نافورة ترسل الماء ممزوجا بالموسيقى إلى أعلى ليتناثر رذاذا على أرض الفناء . وقالت الأم : " سأخبر الجميع بألا يزعجوك ولكن ربما تريدين يا ساسكيا إن تشربي أو تأكلي شيئا قبل ذلك ".
وقبل إن تقول ساسكيا شيئا ، أجاب أندريس عنها :" سأهتم إنا بذلك".
ثم أمسك بمرفق ساسكيا قائلا لها بصوت رقيق اشتبهت في إنه يتضمن تهديدا :
" من هنا ، يا ساسكيا
| |
|
| |
حمادة الشاعري
| موضوع: رد: باقية رواية عاصفة الموت .. أحلام الإثنين سبتمبر 24, 2007 2:29 pm | |
| الفصل السابع
((شكوك مستحيلة))
لا يمكنني النوم معك في هذه الغرفة شعرت ساسكيا بنفسها ترتجف عندما قادها أندريس خلال ممرات معقدة . كانت تعلم بإنه لا بد وأحس بتوترها ، لكنها استطاعت ، بشكل ما ، السيطرة على مشاعرها حتى أصبحا داخل غرفة أنيقة فسيحة فأغلق الباب خلفهما بعزم .
لكن مزاجها لا يسمح لها الآن بالإعجاب بما يحيط بها من أناقة وجمال . واستدارت لتواجه أندريس بحزم: " هذا ليس جزء من الاتفاقية ".
فأجابها بغضب : " الاتفاقية تقول بأن عليك تنفيذ دور خطيبتي ، وهذا يتضمن كل ما يجب فعله ليصدقوا التمثيل ".
فاحتجت ساسكيا بعنف : " لن أنام هنا معك . إنا لا .. إنا لم .. ".
ولم تستطع النظر إلى السرير الضخم المزدوج لإن الذعر تملكها مبددا كل تعقل فيها . لقد عانت الكثير ، وهي الآن متعبة وقد أرهقها الحر وهي خائفة جدا جدا ، وأحست بأن مشاعرها تكاد تدمرها .
أشاحت بوجهها بسرعة عندما سمعته يقول بواقعية : " سأذهب لأستحم ، وإذا شئت نصيحتي افعلي مثلي ، فإذا شعرنا ، نحن الاثنين ، بأننا أصبحنا أهدأ وأكثر اتزانا ، يمكننا حينذاك مناقشة الوضع بهدوء ".
الاستحمام ! ومع أندريس ! وحدقت ساسكيا إليه ذاهلة غير مصدقة . أتراه يعتقد بإنها سوف .. إنها قادرة على .. ؟
وقال لها مطمئنا بعد إن رأى ذهولها : " يمكنك إن تستعملي الحمام أولا ".
أولا ! إذن فهو لم يكن يعني .. فشعرت بارتياح سرعان ما تبعته ثورة غضب جعلتها تنفجر قائلة : " لا أريد استعمال الحمام على الإطلاق . ما أريده هو إن أكون في بيتي ، بيتي إنا ، في غرفتي وفي حمامي ، ما أريده هو التحرر من .. من هذه المهزلة السخيفة .. ما أريده .. ".
واضطرت إلى السكوت عندما كادت مشاعرها تدمرها .. لكنها لم تستطع إلا معاودة الانفجار بسيل من الكلمات الغاضبة : " كيف جعلت أمك وأختك تظنان إنني .. إننا .. ؟".
وهزت رأسها ، عاجزة عن التعبير بالكلمات المناسبة عما تريد قوله . لكن أندريس لم تراوده هذه الشكوك فأكمل لها كلامها : " إننا عشيقان ؟ وماذا عليهما إن يظنا غير ذلك ؟ إنني رجل ، يا ساسكيا ، ويفترض إننا خطيبان . وإذا كنا كذلك حقا ، أتظنينني كنت أصبر عليك لحظة ..".
| |
|
| |
حمادة الشاعري
| موضوع: رد: باقية رواية عاصفة الموت .. أحلام الإثنين سبتمبر 24, 2007 2:30 pm | |
| فقاطعته بتهكم : " أتريد تذوق البضاعة قبل شرائها ؟ طبعا ، رجل مثلك يفعل ذلك لكي يتأكد ..".
وأجفلت وهي ترى كيف كان ينظر إليها ، والغضب المر في عينيه ، ثم أجابها بحدة : " هذا النوع من التعليقات نموذجي من امرأة مثلك تؤجل كل شيء ريثما يتم الاتفاق على المال . حسنا ، دعيني أخبرك ...".
لكن ساسكيا لم تدعه ينهي كلامه ، راغبة في الدفاع عن نفسها : " أنت الذي قلت..".
فقاطعها :" ما قلته ، عندما قاطعتني ، هو إنني لو كنت أحبك حقا ، لما استطعت حرمان نفسي ، أو حرمانك ، من بهجة إبراز ذلك الحب بأكثر الطرق الجسدية تقاربا ... ما كانت هناك طريقة تجعلني أتحمل ابتعادك عن نظري أو ذراعي ، وخصوصا فترة الليل بطوله !".
راحت ساسكيا ترتجف عندما أصابت كلماته وترا حساسا في داخلها .. وترا أثار الشوق في صميم أنوثتها مما جعلها على حافة البكاء دون إن تدري . وسرى الذعر في كيانها فبدد كل ذرة تعقل فيها ، وشعرت بقلبها يخفق بحدة ولهفة .
فتحت فمها لتخبر أندريس بإنها غيرت رأيها ، و إنها تريد الذهاب إلى بيتها ، و إنها غير مستعدة للبقاء هنا أكثر من ذلك ، مهما حاول ابتزازها لكن ذعرها لم يكن ناشئاً من خوفها منه فقط .. إنما ، الآن كانت نفسها هي التي تخافها ، فالمشاعر التي بدأت تحس بها و الأفكار التي أخذت تتملكها أخافتها . لم تستطع إن تدع نفسها تنجذب إليه ، فهو ليس من النوع الذي تحبه من الرجال على الإطلاق . لقد أبغضتها الطريقة التي عاملها بها ،و كيف إنه أساء الحكم عليها . لكنها لم تستطع التخلص من المشاعر الشوق التي شعرت بها نحوه عندما تحدث عن رغبته في المرأة التي يحبها .
- لا أستطيع .
و سكتت عندما رفع أندريس يده محذراً ليسكتها فسمعا طرقاً على الباب .
أنتظرت ساسكيا ، وقد جف حلقها ، بينما ذهب أندريس ليفتح الباب . عندئذ أدخل السائق حقائبها . لم يكن سائق اللاندروفر .ز و إنما رجل آخر أصغر جثة .
راح أندريس يتحدث باليونانية و يبتسم له بحرارة ، ثم ضحك متفكهاً بينما الرجل العجوز ينظر إلى ساسكيا ، ثم يربت على كتفه بابتسامة عريضة . و عندما رحل الرجل سألت ساسكيا أندريس : " ماالذي كنتما تتحدثان عنه ؟ "
- كان " ستا فروس" يقول إن الوقت قد حان لكي أتزوج . إنه لا يجدر بي تضييع الوقت لكي أنجب صبياً .
شعرت بوجهها يحمر إلى جذور شعرها ، و راحت تنظر إلى كل مكان ما عدا السرير الواسع القائم في وسط الغرفة . رغم مكيف الهواء في الغرفة ، شعرت بالاختناق ، وعدم القدرة على التنفس .. و إنها وقعت في الشرك و تتلهف للفرار . فقال أندريس بلهجة عملية مقاطعاً أفكارها و هو يشيح عنها : " أنا داخل إلى الحمام "
عندما توارى ، نظرت ساسكيا إلى الباب الذي يؤدي إلى الممر ، و تمنت لو إن لديها الشجاعة لكي تخرج و تطلب إعادتها بالطائرة على الفور إلى مدينة أثينا ، لكنها إن فعلت ذلك ستفقد وظيفتها حتماً .. سيفعل أندريس هذا بالتأكيد .
حاولت بشدة تركيز أفكارها على شيء آخر ، غير وضعها المخيف هذا .ز كرهت ما يفعله أندريس بها رغماً عنها . كما كرهته هو نفسه .. و لكن .ز هل هذا صحيح ؟ و لم تستطع الإجابة على سؤالها بصدق ، فأخذت تتفحص المنظر القائم خلف البابين الواسعين اللذين يؤديان إلى فناء مسور يحيط بحوض سباحة مغر ملحق به بحيرة مياه معدنية فوارة .
كانت واحات صغيرة من النباتات الخضراء قد شقت طريقها عبر البلاط لتحد من قسوة الشمس الساطعة بينما كانت المظلات كبيرة تخفف من تلك الأشعة و تسمح بالاستمتاع بها .بدا المشهد بأجمعه و كأنه مأخوذ عن كتيب يصف إجازة جميلة استثنائية ، إجازة من ذلك النوع الذي لا تستطيع ساسكيا النظر إليه إلا بحسرة ، لإنه بعيد جداً عن متناولها ، إنما حالياًً ، المكان الوحيد الذي كانت تريده ، هو بيتها الآمن .
لا يمكن لأندريس حقاً إن يتوقع منها مشاركته الغرفة ، فكيف بالسرير . لا يمكنها إن تفعل هذا . لا تريد .. إنها . - الحمام خال .
و جمدت في مكانها ، كانت مستغرقة في أفكارها بحيث لم تدرك إن أندريس بات معها في الغرفة .. واقفاً خلفها مباشرة تفوح منه رائحة النظافة . ثم قال لها : " سأذهب و أحضر إليك طعاما خفيفاً ، فالعشاء لن يجهز قبل عدة ساعات،و إذا شئت نصيحتي ، حاولي إن ترتاحي قليلاً ، فاليونانيون يتأخرون في تناول الطعام و كذلك في الذهاب إلى النوم ".
فأنفجرت قائلة بخوف : "لكنني ظننت إننا سنحصل على غرفتين منفصلتين ، ما كنت لأقبل بالمجيء إلى هنا قط لو إنني علمت بأنني ..".
ثم شعرت به يقترب منها و يحاول لمسها ، فصاحت مستنكرة " لا ! إياك إن تجرؤ على لمسي ".
لقد أحست بإنها لا تستطيع إحتمال لمساته .
و بغضب بالغ ، اندفعت ساسكيا نحو الباب ، لكن أندريس استطاع إن يسبقها إليه ساداً عليها الطريق حيث أمسك بها و إنغرزت أصابعه في لحمها الطري ، و قال بشدة : " ماذا تظنين نفسك تفعلين ،بحق الجحيم ؟ ما الذي تدعين إنك تخافين منه بالضبط ؟ هذا ، امرأة مثلك ؟.."
| |
|
| |
حمادة الشاعري
| موضوع: رد: باقية رواية عاصفة الموت .. أحلام الإثنين سبتمبر 24, 2007 2:30 pm | |
| و شهقت ساسكيا و ارتجفت من رأسها إلى أخمص قدميها عندما التفت ذراعه حولها و أطبق عليها يعانقها . عانقها بشدة و بشعور محموم غاضب مما جعلها تشعر بالضعف . و أخذ الدم يهدر في رأسها قد أدركت عدم قدرتها على التصرف إزاء خبرته العنيفة المتغطرسة هذه .
- كفى تمثيلاً لدور البريئة الساذجة .
سمعته ساسكيا يتمتم بذلك ، و هو يشدها إلى جسده أثناء استناده إلى الباب خلفه جاراً إياها معه ، و يده الأخرى تلف كتفيها ، و شهقت ساسكيا و قد سرى الدم حاراً في جسمها ،
و رغم غضبها شهرت بفضول إنثوي جعلها دون إدراك منها تبادله العناق إنما بخجل و تردد . أندريس ، هل أنت بالداخل ؟ إنا أثينا .. أريد إن أتحدث إليك .
جمدت ساسكيا و هي تسمع صوت أثينا من خلف الباب .
لكن أندريس لم يظهر عليه أي دليل على الإضطراب أو الإرتباك . إنما فتح الباب و ما زال ممسكاً بساسكيا يضمها إليه بقبضة لم تستطع الفكاك منها ، و قال لأثينا بخشونة : " ليس الآن يا أثينا . إنا و ساسكيا مشغولان كما ترين :. فقالت بحدة و غضب و هي ترمق ساسكيا بنظرة حاقدة : " هل هي معك ؟ لماذا هي ليست في غرفتها ؟ " فأجاب ببرودة : " إنها في غرفتها فعلاً . غرفتي هي غرفة ساسكيا وسريري .. سريرها .. ". | |
|
| |
حمادة الشاعري
| موضوع: رد: باقية رواية عاصفة الموت .. أحلام الإثنين سبتمبر 24, 2007 2:31 pm | |
| فقالت أثينا بصوت خافت : " لن يسمح لك جدك قط بالزواج بها " لكن أندريس أغلق الباب متجاهلاً إلحاحها .
أما ساسكيا فقالت بلطف : " دعني ، يا أندريس ".
و كانت عاجزة عن احتمال النظر إليه ، أو التفكير في استجابتها له ، و مبادلته العناق .
و نظر إليها أندريس هازئاً : " حسناً يا ساسكيا ، هذا يكفي ، أنا أعرف إنني أردت منك تمثيل دور الخطيبة المخلصة ، و لكن هذا لا يعني الإدعاء بأنك بريئة لم تعرف قط .. " و سكت فجأة مقطباً جبينه ، مفكراً في هذه الشكوك غير المرغوب فيها التي خطرت بباله و هو يرى وجهها الشاحب و عينيها المضطربتين حتى عندما تركها ، بقيت ترتجف من رأسها حتى أخمص قدميها مما جعله يقسم ، في تلك اللحظة ، على إنه عندما أخذها بين ذراعيه و عانقها . كان أول رجل يجعلها تشعر بهذا الشكل .
بقي لحظة يتأمل ما كان يفكر فيه و يشير به ، ثم ما لبث إن نبذ شكوكه هذه بحزم. يستحيل إن تكون ساسكيا عديمة الخبرة ، لا يمكن ذلك أبداً . كان يونانيا بما فيه الكفاية لكي يعتبر إن نعمة الطهارة هي إحدى أكبر النعم التي يمكن لإمرأة تقديمها إلى من تحب . لكن تراثه الثقافي من والده الإنكليزي و دراسته جعلاه يسخر من أو حتى يرثي لهذه المفاهيم المهجورة . بصفته رجلاً ناضجاً ، يتقبل و يحترم حق المرأة في اختيار تصرفاتها بمشاعرها .
لكنه يعلم أيضاً إنه ، بصفته حبيباً أو زوجاً ، لديه نزعة إلى التملك تحتوي على حنين عميق و رغبة محمومة في إن يكون شريك حبيبته الوحيد ، و شوق في نفسه إلى تعليمها ما هو معنى الحب . و حالياً رأى في ردة فعل ساسكيا ما يلهب مشاعره التي كان يجاهد للسيطرة عليها .. مشاعر هي رغبة بدائية لرجل يوناني !
و قطعت ساسكيا أفكاره مكررة و هي عاجزة عن الحركة : " إنا لن أنام في هذه الغرفة معك ,أنا .."
و راح أندريس يفكر متجهماً : إذا كانت ساسكيا تمثل ، فهي تستحق الأوسكار . و لكن آخر ما كان بحاجة إليه هو خطيبة يبدو عليها الرعب لكونها معه ، عليه تهدئة روعها ، وتهدئة أعصاب كل منهما .
فقال بهدوء : " تعالي معي ". أمسك يدها وقادها إلى أحد الأبواب المؤدية إلى خارج الغرفة.
عندما فتحه ، رأت ساسكيا الغرفة التي خلفه مؤثثة بأحدث الأجهزة التقنية . ثم سألها : " هل تشعرين بتحسن إذا قلت لك إنني أنوي النوم هناك ؟".
فهمست و هي ترتجف : " هناك .. و لكنه مكتب ، لا يحتوي على سرير ".
- يمكنني إحضار إحدى الكراسي الكبيرة من قرب حوض السباحة و النوم عليه .
- أتعني .. و كانت حذرة . كارهة تصديقه أو الوثوق به . و أومأ برأسه متجهما ، متسائلاً عما يجعله يسمح لضميره بإرغامه على مثل هذا الوضع السخيف . كان يعلم إنها لا يمكن أبداً إن تكون تلك الساذجة الخائفة البريئة التي تتظاهر بإنها عليه .
و قالت ساسكيا بتردد : " و لكن لابد إن يلاحظ أحد إذا أنت أحضرت الكرسي تلك ".
| |
|
| |
حمادة الشاعري
| موضوع: رد: باقية رواية عاصفة الموت .. أحلام الإثنين سبتمبر 24, 2007 2:31 pm | |
| فأجاب : " غرفتي فقط لها باب يفتح على منطقة البحيرة هذه . إنه موقعي الخاص . أما البحيرة العامة التي يستعملها الجميع فهي تقوم في الناحية الأخرى من الفيلا ".
بحيرته الخاصة ؟ و جاهدت كيلا يؤثر عليها ذلك . و لكن يبدو إنها لم تبذل جهداً كافياً ، و نظر أندريس إليها بفارغ الصبر : " إنا لا أحاول التباهي بذلك ، يا ساسكيا . فإنا أكره هذا النوع من التباهي المنافي للرجولة . قد يكون أبي مليونيراً لكنني لست كذلك ".
لم يكن هذا صحيحاً تماماً لكن شيئاً في عيني ساسكيا جعله يريد إقناعها بإنه ليس من الشبان العابثين العاطلين عن العمل ،و لا عمل له سوى الجلوس بجانب بركة السباحة طوال النهار .
ثم أضاف أندريس بلطف : " كل ما في الأمر إنني أحب السباحة في الصباح الباكر ، عندما أكون هنا في الفيلا . و قد كانت شقيقتاي تتذمران من إنني أوقظهما من النوم باكراً ، و لهذا أشأت هذه البركة لاستعمالي الخاص ، فالسباحة تساعد ذهني على الصفاء بقدر ما تسمح لي بالتمرين الجسدي "
كانت ساسكيا تتفهم كلامه ، فهي تشعر بالشيء نفسه بالنسبة إلى المشي ، حيث كانت تخرج للتمشي كلما تملكها القلق ، أو واجهتها مشكلة بحاجة إلى حل .
أخذ ينظر إليها و هو يتساءل عابساً ، عما يجعله يتحمل كل هذا الانزعاج في سبيل تهدئتها و طمأنتها ، و راح يفكر في ذلك الخفقان القلق الذي شعر به عندما ضمها إليه ، بإنه حتماً زائف لا سبيل إلى الظن بغير ذلك ، تماماً كتلك العينين الكبيرتين المتسعتين اللتين تراقبانه بحذر .
عضت ساسكيا شفتيها و هي تحول نظراتها عنه . و بات واضحاً إن أندريس يعني ما يقول حقاً بالنسبة إلى نومه في المكتب ، إنما حالياً لم يكن ترتيب أمر النوم في طليعة اهتماماتها بقدر ما هو اهتمامها بما كان يحدث أثناء يقظتها .. أضف إنها كانت تفكر بما شعرت به و هو يعانقها ...
هل يعقل إن تكون في أعماقها ، قد أرادته إن يضمها ؟ إذ من المستحيل حدوث ذلك من دون وعي منها ، و لكن ما هو تفسير الطريقة التي تجاوبت بها معه ؟ و ألح عليها ضميرها بالجواب ، إلا إنها سمعت أندريس يقول بجفاء : " حسناً ، و الآن بعد إن حللنا هذه المشكلة ، لدي بعض الأعمال علي القيام بها . لم لا تأكلين شيئاً ثم ترتاحين ؟" .
فقالت : " علي إنا أخرج أمتعتي من الحقائب ".
- إحدى الخادمات ستفعل ذلك أثناء راحتك .
و عندما رأى تعابير وجهها ، قال بلطف : " إنهم مستخدمون عندنا يا ساسكيا . يعملون لتحصيل معيشتهم تماماً كما نعمل ، أنت و إنا لتحصيل معيشتنا ".
ثم تركها و خرج.. أه آسفة لم أوقظك ، أليس كذلك؟ لكن وقت العشاء سيحين قريباً ففكرت إنك قد تريدين الاستعداد لذلك .
عندما استيقظت ساسكيا تماماً و جاهدت لكي تجلس في الفراش ، رأت إن زائرتها غير المتوقعة هي أوليمبيا . الإبتسامة التي بدت على وجه أوليمبيا جعلت ساسكيا تشعر بالحرارة تجاهها ، ثم أضافت اوليمبيا : " في العادة نرتدي ملابسنا هنا في الطابق السفلي و ليس في الأعلى . لكن أثينا ستجاهد لتبدو مميزة "
فسألت ساسكيا بلهفة : " أين ..؟" لكنها لم تكمل سؤالها ، إذ أكملت أوليمبيا عنها . -أين أندريس ؟ لقد اتصل جدي هاتفيا طالبا الحديث مع أمي ثم أراد التكلم مع أندريس ، وربما ما زالا يتحدثان . وعلي تنبيهك إلى إن أندريس ليس في مزاج جيد .
وعندما رأت أوليمبيا الاهتمام في عيني ساسكيا ، أسرعت تطمئنها : " آه ، هذا ليس بسببك بل بسبب أثينا . لقد أحضرت محاسبها معها و أندريس غاضب للغاية، فهو لا يطيقه ، ولا نحن ، لكن أثينا أكدت إن جدي دعا "أريستوتل" شخصيا".
عندما توجهت أوليمبيا لتنير الغرفة ، أنزلت ساسكيا قدميها إلى الأرض ، قفد نامت بكامل ملابسها مما جعلها تشعر الآن بالقذارة و عدم النظافة ، ثم فكرت إن جلوسها إلى مائدة العشاء مع أندريس و أثينا لم يكن شيئاً تنتظره بشوق و لكن أولمبيا على حق في شيء واحد و هو إنه عليها هي أيضاً إن تبدو مميزة ،و لا شك إن أندريس بتوقع هذا منها . إذ ليس لديها عذر في عدم القيام بذلك و حقيبتها ملأى بالملابس الجدية التي اشتراها لها أندريس ، فقالت أوليمبيا : -ماريا أفرغت حقائبك . و قد ساعدتها إنا لقد أعجبني ذلك الثوب الأسود الذي أحضرته معك ، ملابسك رائعة . بقي أندريس يتردد إلى هنا محذراً بعدم إحداث ضجة كيلا تستيقظي . إنه يهتم كثيراً لأمرك .
ثم رمقت ساسكيا و قالت بهدوء و دفء: " إنا و أمي مسرورتان جدا لإنه تعرف إليك . نحبه طبعاً ، لكننا أبتدأنا نخاف من إستسلامه لأثينا لأجل جدي .. و نحن نعلم إنه لن يستطيع إن يحبها أبداً ،أظنه أخبرك بما فعلته به عندما كان صغيراً ".
و دون إن تنتظر أوليمبيا جواب ساسكيا، تابعت متدفقة في الكلام : " لا يفترض بي معرفة ذلك بالحقيقة لكن أختي ليديا أخبرتني و أقسمت علي كتم السر . و لكن طبعاً لابأس من التحدث معك عن ذلك لإن أندريس لابد حدثك عنه . كان حين ذاك ما زال غلاماً في الخامسة عشرة ، وكانت أثينا أكبر منه بكثير و على | |
|
| |
حمادة الشاعري
| موضوع: رد: باقية رواية عاصفة الموت .. أحلام الإثنين سبتمبر 24, 2007 2:32 pm | |
| وشك الزواج .
إنا أعرف إن فرق السن ذاك لا أهمية له بين شخصين راشدين ، لكن أندريس لم يكن راشداً بعد . كان في المدرسة .. فجاءت إليه .. أظن إن أندريس كان رائعاً في شجاعته و أخلاقه لإنه رفض التجاوب معها .. ثم أتعلمين أيضاً ؟ رغم إدعاء أثينا إنها تحبه ، أظنها تريد معاقبته لرفضه لها .. حسناً .. هل فهمت ما أعني ؟" .
و راحت ساسكيا تفكر كيف حاولت أثينا إن تغوي أندريس عندما كانت مجرد تلميذ في المدرسة ! و جاهدت بشدة لكبح ما أثارته هذه الوقائع من صدمة و اشمئزاز في نفسها .
صحيح إن السنوات السبع التي تفرقهما ليست بالكثيرة ، و هو ليس كبيراً إلا إنه بالنسبة إلى إمرأة في العشرينات تحاول إغواء غلام في الخامسة عشرة .. فذلك فساد دون شك .. و سرت في جسمها قشعريرة باردة .
هل يعقل إن تدع امرأة كأثينا مجرد خطيبة زائفة ، تقف بينها و بين الرجل الذي تريد ؟
من الواضح إن أثينا متلهفة للحصول على أندريس ، و إن كانت دوافعها مغلفة بالأسرار .
كان أندريس من الرجولة بحيث يصعب تصوره في وضع الفريسة و ليس الصياد . و في رأي ساسكيا إذا كان هناك رجل يتميز بالحيوية الفائقة و الشموخ و الكبرياء ، فهو أندريس ... إلا إنها رأت في شخصية أثينا ، شيئاً مخالفاً منفراً مثل برودة المشاعر و الجشع و التسلط ، مما جعل من الصعب على ساسكيا الإطمئنان إليها أو حتى التفكير فيها بصفتها من بنات جنسها.. كان تصميمها على الزواج من أندريس هائلاً بحيث يرسل قشعريرة في الجسد .
قاطعت أوليمبيا أفكار ساسكيا و قالت بأسف و تأثر : " طبعاً لولا صحت جدي لما كانت هناك مشكلة، كلنا يعلم هذا . إن جدي يحب الظن بأن أندريس، يعتمد عليه مالياً ، و لكن .. "
و سكتت و هي تهز رأسها ، ثم قالت : " سترتدين الثوب الأسود، أليس كذلك ؟ إنا متلهفة لرؤيته عليك ، إنه يناسب لون بشرتك تماماً ، بينما لون بشرتي يبدو باهتاً إزاء الأسود .. "
و سمعتا خطوات رجل في الممر أمام باب غرفة النوم ، فقالت أوليمبيا :" إنه أندريس، و هو سيسلخ جلدي إذا ظن إنني أزعجك “
أجفلت ساسكيا عندما دخل أندريس الغرفة و أخذت تنظر إليه و هو ينقل نظراته من السرير إلى حيث كانت تقف أوليمبيا في الزاوية و قال بغضب :" أوليمبيا ، لقد قلت لك ..."
فتدخلت ساسكيا لحمايتها : " كنت مستيقظة حين جاءت "
لقد أحبت ساسكيا أخت أندريس ، و لو كانت هي تحبه حقاً ، و تريد إن تتزوجه ، لوجدت في هذه الفتاه الدافئة العواطف صديقة وفية . ألقت أوليمبيا بنفسها على أندريس ضاحكة و هي تحيطه بذراعيها و تخبره بإنتصار .
- أترى ! أنت مخطيء ، يا أخي الأكبر ، و عليك إن لا تكون حازماً متسلطاًً معي بهذا الشكل و إلا رفضت ساسكيا الزواج بك و الآن بعد إن تعرفت إليها ، صممت على إن تكون أختي و زوجة أخي . كنا نتحدث عما سترتديه للعشاء . ثم حذرتها من أثينا ستلبس ثوباً غير عادي لكي تتفوق عليها .
فقال بجفاء : " إذا لم تذهبي إلى غرفتك لكي نستعد جميعاً ستكون أثينا أفضلنا أناقة ".
قبلت أوليمبيا جبينه ثم أسرعت إلى الباب حيث وقفت و هي تنظر إلى ساسكيا بابتسامة عريضة شيطانية : " لا تنسي إن تلبسي الأسود ! "
بعد إن أغلقت الباب خلفها ، قال أندريس لساسكيا : " آسف لقد سبق و حذرتها من إزعاجك | |
|
| |
حمادة الشاعري
| موضوع: رد: باقية رواية عاصفة الموت .. أحلام الإثنين سبتمبر 24, 2007 2:32 pm | |
| إذن لم ينخدع أندريس بكذبتها البيضاء ، فقالت ساسكيا الحقيقة هذه المرة : " لا يهمني ذلك ، فإنا أحبها " .
فقال أندريس بشيء من السخط : " ظرف أوليمبيا شيء تميل أحيانا ً إلى استغلاله ، و لكونها طفلة الأسرة ، فهي سيدتها في الحصول على ما تريد " .
ثم نظر إلى ساعته قائلاً : " لديك نصف ساعة تستعدين فيها ".
أخذت ساسكيا نفساً عميقاً مهدئاً فما كاشفته بها أوليمبيا أثار فيها شعوراً عميقا من العطف نحو الآخرين .
كان ذلك جزءً من طبيعتها ، إلا إن شيئاً اشتعل في أعماقها محدثاً فيها تغييراً كبيراً و دون إن تعلم كيف حدث هذا ، تحول أندريس في نظرها من طاغية يثير اشمئزازها و خوفها ، إلى إنسان آخر يستحق منها البطولة و العون لقد أصبح الآن لديها دور هي مصممة على القيام به باذلة كل ما لديها من طاقة و إمكانية لتحقيقه .
أجابته بلهجة أرباب الأعمال :
" نصف ساعة ، في هذه الحالة أود إستعمال الحمام أولاً
| |
|
| |
حمادة الشاعري
| موضوع: رد: باقية رواية عاصفة الموت .. أحلام الإثنين سبتمبر 24, 2007 2:33 pm | |
| الفصل الثامن
((حب بمليون جنيه))
-والآن يا ساسكيا،كيف تظنين أنك ستتكيفين نفسك كزوجة يونانية،إذا تزوجتما أنتي و أندريس؟
سمعت ساسكيا شهقة سخط من أولمبيا للطريقة التي طرحت بها أثينا سؤالها،لكنها رفضت السماح لنفسها بأن ترهبها هذة المرأة ،فمنذ أتخذ الجميع أماكنهم حول مائدة العشاء،أدركت ساسكيا أن أثينا مصممة على إثارة أعصابها قدر الإمكان، وعلى كل حال،قبل أن تقول شيئاً،كان أندريس يجيب على السؤال بدلاً منها،بلهجة حاقدة "ليس هناك كلمة"إذا"بالنسبة إلى زواجنا،يا أثينا.ساسكيا(سوف)تصبح زوجتي".
وجاء الآن دور ساسكيا لتخنق شهقة الصدمة التي شعرت بها،لكنها لم تستطع السيطرة على دافع غريزي للنظر إلى أندريس .ماالذي سيفعله إذا كان عليه في النهاية الإعتراف لأثينا بأن خطبتهما قد فُسخت؟ ثم فكرت بأن هذة مشكلته وليست مشكلتها.
لكن شعوراً غريباً ينتابها ،وهي مقتنعة به،وحين خرج أندريس من مكتبه الملحق بغرفة(نومهما)هذا المساء.توقف أمامها تماماً ، قائلاً بهدؤ "أشك في أن أي رجل يراك الآن قد يفعل أي شيء عدا تمنيه أن تكوني له،يا ساسكيا"
لم يحدث أن ساورتها الرغبة قط في العمل على المسرح ..كان هذا بعيداً عن أمانيها..ومع ذلك منذ تلك اللحظة شعرت وكأنها قد أنتقلت إلى شخصية جديدة . لقد أصبحت فجأة خطيبة أندريس ومثل أي امرأة عاشقة ،لم تكن فخورة بأن تكون مع حبيبها وحسب.بل تملكها شعور الأنثى بجانب حاميها ، وأصبح القلق في عينيها لأجله وبسببه .وراحت ساسكيا تفكر بما سيشعر أندريس عندما تعيّره أثينا ساخرة بالكلام الذي قاله لتوه حين تنفسخ خطوبتهما؟
ماالذي شعر به عندما أدرك لأول مرة ،وهو غلام ،غاية أثينا منه؟
-الزوجات .أنا أعشق الزوجات قال أريستوتل هذا ضاحكاً بخلاعة وهو يميل نحو ساسكيا بشكل تمكن معه من وضع يده على ذراعها أشاحت ساسكيا بوجهها عنه على الفور، فقد كانت تشارك أوليمبيا رأيها في محاسب أثينا . رغم أنه كان طويل القامة،جعله جذعه الثقيل يبدو قصيراً.أما شعره الأسود الكثيف فكان مخضباً بالزيت ، والبذلة البيضاء التي يرتديها فوق قميص أسود ،لم تكن في نظر ساسكيا على الأقل تحسن من شكله، بينما بدا أندريس هادئاً جذاباً مرتاحاً في بنطلون أنيق وقميص قطني أبيض .
| |
|
| |
حمادة الشاعري
| موضوع: رد: باقية رواية عاصفة الموت .. أحلام الإثنين سبتمبر 24, 2007 2:34 pm | |
| إذا كانت بينها وبين نفسها،ظنت أن ثوبها الأسود قد يكون مميزاً نوعا ما،فسرعان ما أدركت صواب رأي أوليمبيا في أقتراحها ارتداء هذا الثوب عندما رأت ثوب أثينا.
ذلك أن ثوبها الأبيض المحكم على جسدها لم يترك للمخيلة شيء.وكانت ساسكيا سمعت أثينا تقول لأندريس معجبة بنفسها: -لقد صُمم هذا الثوب خصيصاً لأجلي ..بالمناسبة..أرجو أن تكون قد نبهت خطيبتك أنني أحب أن أشاركك السباحة في الصباح .."
لم تستطع ساسكيا منع نفسها من إلقاء نظرة قصيرة مذهولة على أندريس فسّرتها أثينا لحسن الحظ بالغيرة لفكرة أن امرأة أخرى تسبح مع خطيبها.
وبينما كانت ساسكيا تهضم ما سمعته ، سمعت أندريس يجيب أثينا بحدة "يمكنني تذكر فقط مناسبة واحدة حاولت أنت فيها مشاركتي السباحة الصباحية، يا أثينا،وأتذكر أيضاً أنني أخبرتك بمدى إنزعاجي لأنك أفسدت فترة صباحي الهادئة"
فقالت أثينا دون شعور بالحرج "آه ،هل خفت من أنني قلت شيئاً لا تريد خطيبتك سماعه؟ ولكن من المؤكد ياأندريس"
ثم تمتمت بصوت أجش وهي تمد يدها لتضعها على ذراعه "على خطيبتك أن تدرك أن رجلاً جذاباً ومفعماً بالحيوية مثلك..لابد كانت له عشيقات أخريات قبلها.."
كادت أنفاس ساسكيا تتوقف لشدة وقاحة أثينا ،وراحت تتصور ما سيكون عليه شعورها لو أن أندريس كان حقاً خطيبها. وكم كانت كلمات أثينا ستشعرها بالغيرة وعدم الأمان ،إذا ما من امرأة تريد أن يذكرها أحد بالنساء الأخريات اللاتي شاركن حبيبها عواطفه قبلها.
لكن أندريس ،كما يبدو، لم يكن منزعجاً إطلاقاً مما تكشفه أثينا، فقد أزاح ،ببساطة يدها عن ذراعه وذلك بالرجوع إلى الخلف ووضع ذراعه حول كتفي ساسكيا، وضمها إليه إلى حد أدركت ساسكيا معه أنه لابد أحس برجفتها التي لم تستطع منعها،الرجفة التي ازدادت حتى أصبحت تشجناً حين أخذت أصابعه تلامس دون وعي كتفها..قائلاً: "ساسكيا تعلم أنها المرأة الوحيدة التي أحببت في حياتي ،المرأة التي أريد أن أمضي بقية حياتي معها"
كلما أزدادت ساسكيا إصغاء ومراقبة لأثينا،أزدادت موافقتها على رأي أوليمبيا أن الحب ليس ما يحرك أثينا،فقد كانت تنظر إلى أندريس أحياناً وكأنها تكرهه وتريد تدميره كلياً.
كان أريستوتل لا يزال يحاول جذب انتباه ساسكيا،لكنها تعمدت التظاهر بعدم الإنتباه،لقد أثار إزعاجها لدرجة أن اللمسة الواحدة منه جعلتها ترتعش اشمئزازا،وعلى كل حال،كان التهذيب يدفعها إلى الإجابة على أسئلته قدر إمكانها،رغم أن أسئلته متطفلة لا تطاق.وشعرت بالضيق حين قال ،أنه لو كان محاسباً عند أندريس لأصّر عليها توقيع اتفاقية قبل الزواج تتعهد فيها بأنه إذا انتهى الزواج ،فإن أموال أندريس ستكون في أمان.
| |
|
| |
حمادة الشاعري
| موضوع: رد: باقية رواية عاصفة الموت .. أحلام الإثنين سبتمبر 24, 2007 2:35 pm | |
| وتملكتها الدهشة عندما أنخرط أندريس في هذا الحديث قائلاً لأريستوتل متجهماً إنه ما كان ليطلب من المرأة التي يحبها التوقيع على اتفاقية كهذه.
ثم أضاف أندريس بحزم وصوت عميق وإخلاص واضح "المال تافه مقارنة بالحب"
فحبست ساسكيا أنفاسها قليلاً وهي تسمع كلام أندريس وهو ينظر إليها،فتذكرت فوراً ظروف"تعارفهما"ورأيه الحقيقي فيها وإذا بها فجأة تشعر بمرارة اليأس البالغ في فمها وتمنت لو تخبره بحكمه الخاطئ وبالحقيقة التي يتمناها.
كان يريحها على الأقل أن أمه وشقيقته تحبانها.أضف أن أوليمبيا أكدت لها أيضاً أن أختها الكبرى ليديا مسرورة مثلهما لحب أندريس لها وهي تتطلع بشوق إلى التعرف بها عندما تعود في أواخر الشهر من بروكسل حيث تقيم مع زوجها وأولادها.
وشعرت ساسكيا بأنه لو لم تحبها أسرة أندريس ،لكانت كرهت ذلك حقاً.
وفجأة أحست ساسكيا بأن وجهها ابتدأ يحترق.ماالذي تفكر فيه؟ أنها هنا لتمثل دور خطيبة أندريس ،فخطبتهما زائفة..تمثيلية..
كذبة أرغمها أندريس بابتزازه لها على مشاركته فيها لتساعده على التخلص من الشرك الذي تريد أثينا إيقاعه فيه.
أفصح أريستوتل لساسكيا عن رغبته في مرافقتها بجولة حول حديقة الفيلا.فهزت ساسكيا رأسها بالرفض بحركة تلقائية وشعرت من جديد بوجهها يحترق وهي ترى مراقبة أندريس لها وفي عينيه مزيج من الغضب والتحذير،فمن المؤكد أنه غير جاد في ظنه بأنها ستقبل دعوة أريستوتل .ثم سمعته فجأة يقف ويقول "لقد أمضت ساسكيا يوماً مجهداً،وأظن أن الوقت قد حان لنتمنى لكم ليلة سعيدة"
نظرت ساسكيا حول المائدة بسرعة.كان واضحاً من التعبير الذي ارتسم على وجوه الآخرين تفسيرهم لقرار أندريس هذا.وعرفت ساسكيا أن التوهج الذي بدا على وجهها وعنقها قد أثبت لهم ظنونهم.
وعندما استدار واقفاً خلف كرسيها ليساعدها على الوقوف أخذت بالاحتجاج "أندريس..لا أريد." فقالت أوليمبيا ضاحكة بصوت خافت "لا فائدة من الكلام ،يا ساسكيا أن الواضح أن أخي العزيز (يريد)!آه،لا لزوم لعبوسك في وجهي يا أخي العزيز"
وضحكت أوليمبيا مرة أخرى قبل أن تضيف قائلة بمكر"وأنا أراهن على أنك لن تنزل للسباحة عند الفجر.." -"أوليمبيا!
| |
|
| |
حمادة الشاعري
| موضوع: رد: باقية رواية عاصفة الموت .. أحلام الإثنين سبتمبر 24, 2007 2:37 pm | |
| صرخت بها أمها وقد أحمرت وجنتاها،بينما ألقت أثينا على ساسكيا نظرة تنفث كراهية عندما وقفت هذة الأخيرة بسرعة ثم تجمدت حين وقف أريستوتل هو أيضاً قائلاً بإصرار و بوقاحة "أريد المطالبة بامتيازات صديق الأسرة وذلك بتقبيل العنصر الجديد في الأسرة قبلة المساء"
وقبل أن تتمكن ساسكيا من تجنبه،أمسك بها،ولكن قبل أن ينفذ ما قاله،كان أندريس يقف بينهما وهو يقول متجهماً "خطيبتي لا تُقبل سوى رجل واحد" وبعد أن عادا إلى الغرفة قال أندريس "إذا كنتِ تقبلين نصيحتي ،أبتعدي عن أريستوتل ،فسمعته سيئة جداً مع النساء .لقد أتهمته زوجته السابقة باستعمال العنف معها و.."
فاستدارت ساسكيا إليه وهي تدخل الغرفة،والغضب بادٍ على وجهها وقالت بينما هو يغلق الباب"لا يمكنك أن تعني ما أظنك تعنيه"
كيف يتصور أنه يمكنها حتى التفكير بالاهتمام برجل مثل ذلك المحاسب؟ إنها إهانة لم تكن مستعدة للسكوت عنها.فقال وقد أسأ تفسير كلامها"لا يمكنني ؟ أنتِ هنا لسبب واحد فقط يا ساسكيا. أنتِ هنا لتمثيل دور خطيبتي ، وبالرغم من أنني أقدر لك ذلك بصفتك المرأة التي عرفتها في الحانة ،أقدر كذلك الإغراء الذي يدفعك إلى زيادة دخلك قليلاً،والقيام بالعمل الذي تحسنينه أكثر من أي شيء آخر، كما يبدو،ذلك الإغراء الذي لابد أنه قوي ، إلا أنني أحذرك الآن من أن الاستسلام له .وإذا فعلت،في الواقع..
أجفلت ساسكيا عندما سمعت كلام أندريس القاسي: "إذا..(فعلت)..ماذا؟"
إنها تفضل أن تموت على أن تدع كتلة حلزونية مثل أريستوتل تقترب منها،وصار غضبها عندما فكرت أنها في غرفة الطعام شعرت بالعطف نحو أندريس وأرادت حمايته حقاً،إنما الآن،الغضب والكبرياء يعصفان بكيانها ،فقذفته بمرارة بهذا الجواب: "إذا شئت الحقيقة ،أنا أنظر إلى أريستوتل بنفس الاشمئزاز والتقزز اللذين أنظر بهما إليك"
فأمسك بها وقد تملكه غضب يماثل غضبها وصاح بها: "كيف تجرؤين على التحدث عني كما تتحدثين عن ذلك الحشرة"
ثم أضاف وقد أحمرت عيناه بمشاعر عنيفة رأتها ساسكيا على وشك الخروج عن السيطرة : "ذلك الرجل حيوان ..بل أسوأ من الحيوان..السنة الماضية نجا بجلده من الوقوف بالمحكمة بتهمة جنائية ولا أفهم كيف تطيقه أثينا ،وقد قلت لها ذلك"
| |
|
| |
حمادة الشاعري
| موضوع: رد: باقية رواية عاصفة الموت .. أحلام الإثنين سبتمبر 24, 2007 2:38 pm | |
| فقالت ساسكيا بتهكم: "ربما تريد أن تثير غيرتك" كانت ملاحظة جريئة مليئة بالتبجح تمنت ساسكيا على الفور لو أنها لم تقلها حين رأت كيف تحول الاحمرار في عينيه إلى لهيب من الغضب العنيف..فصاح في وجهها مجدداً:"هل هي التي تفعل هذا؟ أم أنتِ؟لقد رأيت كيف كان ينظر إليك أثناء العشاء..ويلمسك..و.."
فأجابت باحتجاج وغضب: "أنا لست مسئولة عن ذلك" لكنها أحست أنه لم يتأثر بكلامها، وأن شيئاً آخر كان يشعل غضبه ويغذيه ..شيئاً خفياً عنها ولكنه خارج عن احتماله.. وتابع أندريس كلامه وهو يصر على أسنانه:"ربما من عدم الشهامة والتهذيب القول ،بالنسبة إلى أنك ترينني مقززاً ومثيراً للاشمئزاز ،أن ما رأيته في عينيك اليوم لم يكن التقزز والاشمئزاز.وما سمعته في صوتك ولمسته في جسدك لم يكن التقزز ،أليس كذلك؟"
وأخذت ساسكيا ترتجف وتقول كاذبة وبحدة: "لا أدري..لا أتذكر.." وأدركت ساسكيا بعد لحظات،أن ما قالته هو أسوأ ما يمكن قوله، لأن أندريس أنقض عليها على الفور هامساً بوحشية : "لا تتذكرين؟ إذن ،ربما ساعدتك على أن تتذكري.."
بدأت بالاحتجاج،لكنها سرعان ما فقدت القدرة على النطق..ليس لأن أندريس رفض الإصغاء ،ولكن لأن شفتيها رفضتا التكلم.
ثم أحاطها بذراعيه يسجنها بينهما و يسألها: "و الآن، متى بالضبط وجدتني مثيراً للاشمئزاز ، يا ساسكيا؟ أعندما فعلت هذا.."
ثم عانقها عناقاً أثار في كيانها مشاعر ساخنة لم تكن تريدها،فقاومته ولكن شيئاً فشيئاً بدأت مقاومتها تهن وتضعف ولم تر أخيراً إلا أنها تستجيب له وتبادله العناق.ويبدو أن أندريس لم يكتف بذلك، لأنه ، حتى هذا النصر لم يكن شافياً لغضبه.
فعاد وسألها بعد لحظات معنفاً: "ماذا؟ أما زلت لا تجيبين..؟..هذا غريب"
ثم أضاف: "أم أنه ما كان لي أن أستغرب؟ فأنت امرأة اعتادت منح نفسها لرجل، يعرف كيف يثير مشاعرها"
راحت ساسكيا تئن مستنكرة وغاضبة وهي تحاول أن تدير وجهها عن وجهه وتتملص منه وهي تكرر : "لا....لا.." فرد عليها بإصرار و حزم: "بل هذا صحيح.نعم، اعترفي بذلك..يا ساسكيا..أنت تريدينني.."
تملكتها رجفة وذهول وهي ترى الحقيقة في جانب مما يقوله،فقد كانت تريده حقاً،ولكن ليس بهذا الشكل الذي يعنيه،بل كامرأة تريد الرجل الذي تحبه،كانت تريده حبيباً لها يريحها من ضغط مشاعرها،كيف بإمكانها أن تحبه؟ولكنها أحبته فعلاً.
وراحت ساسكيا تعترف لنفسها بيأس وقنوط بأنها وقعت في غرامه في اللحظة التي وقعت عيناها عليه، لكن حينها حدثت نفسها بأنه لا يمكنها أنشاء علاقة معه وفاء لصديقتها ظناً منها أنه مارك حبيب صديقتها،وأنه لا يجدر بها أن تشعر نحوه بتلك الأحاسيس، تماماً كما عليها الآن ردع نفسها عن هذة المشاعر..رغم أن السبب الآن مختلف جداً..فلم تعد ميغان الآن حاجزاً بينها وبين حب أندريس لأنه ليس مارك حبيب ميغان ..لكن الحاجز هو أندريس نفسه و رأيه فيها.و نظرت ساسكيا إلى أندريس بضعف قائلة: "دعني..أندريس" لكنه رفض قائلاً: "ليس قبل أن تعترفي بأنني محق وأنك تريدينني.أم أنك تحاولين دفعي إلى أن (أثبت)لك ذلك"
أجفلت ساسكيا وهي تشعر بمزيج من الاختناق والخوف والإثارة يتفجر بداخلها.
ترددت وهي تحاول أن تجد الإجابة المناسبة ، والمعقولة التي يمكنها إعطاءها له،لكنها ما لبثت أنها أطالت الانتظار عندما قال ساخراً: "أنا أريدك ياساسكيا، لكنك سبق وعلمتِ هذا.أليس كذلك؟ وكيف لامرأة مثلك ألا تعرف؟ يمكنك أن تشعري به،أليس كذلك؟"
| |
|
| |
حمادة الشاعري
| موضوع: رد: باقية رواية عاصفة الموت .. أحلام الإثنين سبتمبر 24, 2007 2:38 pm | |
| وأمسك بيدها يضعها على قلبه فمالت عليه وهي تحس بالخفقان العنيف تحت يدها،وتمنت لو كان لديها القوة للإبتعاد عنه،لكنها أدركت أنها أضعف من أن تفعل ذلك..تأوهت بخفة عندما أخذت مشاعرها تعصف بكيانها، وكان قلب أندريس يخفق بعنف جعلها تشعر به في داخلها،فمنذ ذلك المساء ،عندما أخذ أندريس ،دون وعي يلامس كتفها..كما يلامس العاشق الحقيقي حبيبته.ارتعدت بمشاعر خرساء ،لكن ذلك كان لاشيء بالنسبة لما تشعر به الآن .فعندما أغمضت عينيها استطاعت أن تراه ،كما وصفته أثينا،متكبراً مزهواً وهو يشق المياه بجسده القوي.
كان كيانها كله قد انقلب رأساً على عقب استجابة لهذه المشاعر التي يحييها في قلبها. -"أنتِ تريدينني..أنتِ بحاجة إليّ..
كانت تشعر به ينطق بهذه الكلمات ،فلم تستطع إنكارها ..كانت مشاعرها تتجاوب بشكل جديد عليها،لا تملك دفاعات ضده.
و فجأة أصبح كل شيء آخر منسياً.كل ما كانت بحاجة إليه..ما تريده..كل ما يمكن أن تطلبه على الإطلاق،كان هنا..بين يديه.
تأوهت و ارتجفت مرات أخرى وهو يضمها إلى صدره بشوق كاد يمنعها من التفكير أو التعقل، إلا أنه لم يكن هناك مكان للتعقل في عالم المشاعر الجديد هذا ومن ثم هزها صوته الأجش: "يا ألهي..الآن فقط أستطيع أن أفهم لماذا كل الرجال الآخرون يتساقطون ضحايا حولك..فيك شيئاً ما..سحر..شيء"
وهنا،شعر بأنها أجفلت فجأة ودفعته عنها،فسألها بدهشة:"ماذا حدث لكي؟"
لم تستطع ساسكيا احتمال النظر إليه. فبتلك الكلمات القليلة التي تتضمن الاحتقار لها.دمر كل شيء..طمس تماماً عالمها الجديد الرائع،و أعادها محطمة إلى عالمها القديم .
شعرت بالغثيان حتى الأعماق من سلوكها هذا وحماقتها، وهتفت ساسكيا مذعورة: "لا...لا أريد هذا" وسمعت الغضب في صوته وهو يتركها محذراً: "بحق الجحيم..إذا؟...إذا كانت هذة لعبة منك.."
ثم عاد فسكت.وهو يهز رأسه متمتماً وغير مصدق: "يا ألهي، لابد أنني جننت، على كل حال، حتى أنني أخذت أفكر في..أظن هذا ما تفعله سنوات العزوبية الطويلة في الرجل ،لم أظن قط أنني سأكون من الحمق والبلاهة إلى حد.."
وصمت برهة ثم قال مطمئناً أنما متجهماً،عندما رآها مسمرة في مكانها:" أنتِ آمنة تماماً،فأنا لن ألمسك مرة أخرى ،لا يمكنني أن.."
و سكت وهز رأسه مرة أخرى،ثم قال باقتضاب:"لدي بعض الأعمال، سأنصرف" عندما استيقظت ساسكيا،كانت الغرفة غارقة بالظلام .لم تعرف في البداية ما أيقظها..ثم عادت فسمعته، أنه صوت مياه حوض السباحة.فقد كان الباب المؤدي إليه مفتوحاً، فراحت تنظر من خلاله إلى الحوض، فرأت الضوء الخافت ينير المياه ومن يسبح فيها.
لقد كان أندريس يسبح..نظرت إلى ساعتها،فإذا هي الثالثة صباحاً و أندريس يسبح دون تعب ذهاباً و إياباً في البركة. انتصبت جالسة في سريرها لتراه بشكل أفضل بينما كان يسبح بسرعة إلى آخر البركة .وعندما استدار عادت ساسكيا فاستلقت على سريرها ،إذ لم تشأ أن يراها تراقبه.
وتحت ملاءات السرير ،راحت تفكر ساسكيا..هل يفترض به أن يسبح أثناء الليل؟ وهل ذلك آمن؟ ماذا لو..؟ وفي اللحظة نفسها تقريباً،تحققت تلك المخاوف عندما لم تعد أذناها تسمع صوت سباحة أندريس.أزاحت عنها أغطية السرير بسرعة و نظرت نحو البركة بقلق، فرأت المياه جامدة هادئة.
أين أندريس؟ وتشبثت بأغطية السرير وهي تراه يصعد الدرجات خارجاً من المياه..حاولت أن تحول نظراتها المتمردة عن وسامته وقوة جسده،ولكن دون فائدة،لقد رفضت نظرتها إطاعتها،
فقد كان لمنظره اللامع تحت الضوء الخافت تأثير الصدمة على قلبها. شهقت حين استدارت فجأة ،فبدا أندريس وكأنه ينظر إلى داخل الغرفة مباشرة .هل تمكن من رؤيتها؟ هل أدرك أنها كانت تراقبه؟ و استلقت جامدة تماماً، داعية الله ألا يكون قد رآها تفعل ذلك..فهي لن تحتمل سخريته إذا دخل عليها.. إذا كان..
استطاعت كبت شوقها إليه..فإذا جاء إليها الآن و أمسك بها..و عانقها كما تتمنى ،فهذا لن يكون حباً بل شهوة ، وتساءلت بجدية: ""هل هذا ما تريده حقاً" و أجابت نفسها بعجز: "كلا طبعاً.ليس هذا ما تريده ، فما تريده هو أن يحبها أندريس كما تحبه هي"
كان مشيحاً عنها الآن، والضوء يخطط تقاطيع جسمه الرائع .إنه رجل رائع ،وسيم وقوي.أقرت بذلك صامته،هامسة بكلمة حب رقيقة.وعندما استدارت عيناها إليه،رأته مرة أخرى ينظر ناحية غرفة النوم. وحبست ساسكيا أنفاسها وهي تدعو.. وترجو..وتنتظر..إلا أن أندريس انحنى وتناول "الروب" فارتداه ثم سار مبتعداً عنها وتساءلت متعجبة: "ترى إلى أين ذهب؟هل عاد إلى مكتبه؟" | |
|
| |
حمادة الشاعري
| موضوع: رد: باقية رواية عاصفة الموت .. أحلام الإثنين سبتمبر 24, 2007 2:40 pm | |
| بقيت ساسكيا، بعد ذهاب أندريس وقتاً طويلاً، مستلقية على السرير،خائفة من الحراك،عاجزة عن النوم،وخائفة أكثر من التفكير ماذا يحدث لها؟ كيف يمكنها أن تحب رجلاً عاملها معاملة أندريس؟ هذا الذي أبتزها وهددها ورفض أن يدعها تدافع عن نفسها؟ هذا الرجل كوّن أحط فكرة عنها.ومع ذلك، مازال يحتضنها ويعانقها،كيف يمكنها؟ وأغمضت عيناها، لم تكن تعلم الجواب ،كل ما كانت تعرفه هو أن مشاعرها وقلبها و أعماقها تصرخ..كيف يمكنها ألا تحبه؟
****
-حمام شمس؟ لم أظن قط أنني سأراك يوماً مستلقياً متكاسلاً بهذا الشكل.
بهذة الكلمات أغاظت أوليمبيا أخاها أندريس عندما نزلت من الفيلا مرتدية ثوب البحر.ثم استلقت بالقرب من ساسكيا.
فأجابها أندريس بخبث وكذب: "لم تنم ساسكيا جيداً في الليل.إنها بحاجة إلى الراحة و لا أريدها أن تقوم بأشياء كثيرة أو تستلقي في شمسنا القوية مدة أطول مما ينبغي"
ولم يبدُ على أندريس أي خجل. فقالت أوليمبيا لساسكيا بعطف وهي تنظر لوجهها الشاحب: "آه،يا للمسكينة" تملك ساسكيا شعور بالذنب ولم تقل شيئاً.أضف أنه لا يمكنها الاعتراف بأن السبب في شحوبها هذا هو تمضية معظم ساعات الليل في التفكير بهذا الرجل المستلقي بجانبها.ولحسن الحظ أن أندريس قد عزا أتساع عينيها البالغ وشحوب وجهها إلى متاعب السفر.
فقالت أوليمبيا ضاحكة بسرور: "حسناً،هذا تحسين قد أحدثته أنتِ في نظام حياة أخي.ياساسكيا" ثم أضافت "ففي العادة،عندما يجيء أندريس إلى الفيلا،لا نستطيع أن نخرجه من مكتبه"
ثم سألت أوليمبيا أندريس: "حسناً..متى قال جدي إنه سيصل؟"
وقبل أن يجيب ، تناهى إليهم صوت أثينا وهي تخرج مع محاسبها من الفيلا نحو حوض السباحة :"لابد لي من القول إنني سأدهش حقاً إذا أتى جدك إلى الجزيرة حالياً"
هبط قلب ساسكيا قليلاً عندما رأتهما ،فقد أغرقها المحاسب بالمديح على مائدة الإفطار ،وكان واضحاً أن دافعه هو مشاعر شهوانية،مما جعلها مسرورة للهرب منه.
عندما ابتدأت أوليمبيا بالوجوم،أضافت أثينا بخبث: "جدك ليس مسروراً منك حالياً،ياأندريس.."
فقال أندريس بجفاء: "جدي لا يكون مسروراً من أي شخص يخالفه في رأيه ،أنه حاد الطباع ويثور بسرعة لكن لديه والحمد لله ذاكرة ضعيفة.."
كان أندريس أصر على أن تستلقي ساسكيا تحت مظلة حماية لبياض بشرتها،ولكن عندما رأت ساسكيا أثينا وهي تخلع المنديل الذي ترتديه فوق ثوب السباحة شعرت بالحسد من سمرتها الذهبية المكتسبة.
وقالت أثينا بخبث عندما رأت ساسكيا تحت المظلة: "لابد أنك غير مرتاحة للإستلقاء في الظل،فلو كنت مكانك لكرهت مثل هذة البشرة البيضاء،لأنها دوماً تبدو.."
قاطعها أندريس بنعومة: "بشرة ساسكيا تذكرني بنقاء المرمر"
قالت أثينا بابتسامة خبيثة: "المرمر..آه..لكن المرمر بارد جداً"وأضافت وهي تلقي على ساسكيا نظرة تقييم: "آه..هاأنت تعبسين ويبدو عليك التذمر"
ثم قالت لأندريس بنعومة: "وأنا أعرف شفاء ذلك،دعني أضع على جسدك بعض الزيت،ياأندريس وأدلك.."
عندئذٍ لم تستطع ساسكيا أن تصدق نفسها حين قالت بحزم: "سأفعل أنا هذا لك يا حبيبي"
ثم ألتفتت إلى أثينا وهي تضيف بجرأة: "هذا من حق الخطيبة"
وتجاهلت ساسكيا النظرة العابسة التي رمقها بها أندريس،ثم نهضت من مكانها،وأخذت زجاجة الزيت التي قدمتها أوليمبيا إليها بابتسامة إستحسان،وتقدمت نحو أندريس وسكبت قليلاً من الزيت في راحتها،بحذر بالغ،ثم وبحذر أكبر مالت فوق جسد أندريس المستلقي على وجهه،متعمدة الوقوف بينه وبين أثينا التي استلقت بالقرب من أندريس.
تدلى شعر ساسكيا فوق وجهها حين ابتدأت،متوترة الأعصاب،تدهن كتفي أندريس بالزيت،شعرت بجلده دافئاً مصقولاً تحت لمساتها.توقفت عندما ابتدأت يداها ترتجفان وتتنقلان على بشرته بحب ورقة.
| |
|
| |
حمادة الشاعري
| موضوع: رد: باقية رواية عاصفة الموت .. أحلام الإثنين سبتمبر 24, 2007 2:40 pm | |
| كان أندريس مستلقياً على بطنه مغمض العينين،لكنه فتحهما فجأة قائلاً لساسكيا: "هذا يكفي.كنت موشكاً على الذهاب للسباحة على كل حال"
ثم نهض بعد لحظات وسار مبتعداً عنها إلى المسبح حيث غطس فيه وراح يسبح تحت المياه فترة ثم طفا على سطحها ضارباً المياه بذراعيه بقوة.
حاول أندريس التركيز على ما يفعل،وإخلاء ذهنه كما أعتاد أن يفعل أثناء السباحة،فهي طريقته المفضلة في الاسترخاء،أما الآن فهذا أخر شيء ما يشعر به،حتى دون أن يغمض عينيه استطاع تذكر شعوره بالضبط ويدا ساسكيا تتنقلان على بشرته..ملامستين..ناعمتين..حساستين.
ومن جديد انزلق تحت الماء،وأخذ يسبح محاولاً السيطرة على شوقه إليها ..لكنه يريدها..ويتشوق إليها..لم يتملكه مثل هذا الشعور نحو امرأة من قبل.ولم يكن يوماً عاجزاً عن السيطرة على نفسه جسدياً وعاطفياً.لابد أنها تعلم ما كانت تفعله به.فامرأة في مثل خبرتها ..امرأة تطوف الحانات في الليالي باحثة عن رجل..لابد أنها تعرف طبعاً ..لابد أنها.. ومع ذلك..
ومع ذلك لم يستطع منع نفسه من مقارنة ما يعرفه عنها عقلياً بالطريقة التي كانت تشعر فيها بين ذراعيه وعناقها الرقيق الحار،والمشاعر التي غامت معها عيناها..وهاهي تفاجئه لتوها برفضها لأثينا بلمسه. لقد فاجأته وملأته بشعور حار بانتصار رجولته وكبريائه لشعورها بالتملك نحوه.إلا أنه مقتنع بأنها لا تشعر بذلك.فهي ببساطة تمثل الدور الذي أرغمها على القيام به.
وقطب جبينه لاستعمال كلمة(أرغمها)فذلك يعتبر بعيداً عن حسن الخلق،لأن أرغام شخص على القيام بشيء ما،هو ضد مبادئه،لكنه ابتدأ يشعر بالخوف من عدم إيجاد مخرج لهذا الوضع الحالي من دون تعريض صحة جده للخطر،و أعترف لنفسه بجدية أن هذا التبرير كان تفسيراً لما فعل وليس عذراً،وإذا هو يكتشف الآن أن ما فعله هو مجرد استبدال مجازفة بأخرى من المحتمل أن تكون أكثر خطورة،وعندئذ لا يجدر به لوم أحد سوى نفسه. هل رأت ساسكيا ما يكشف عن مشاعره قبل أن يشيح بوجهه مبتعداً عنها؟لقد رأت أثينا ذلك ..أثينا..وتصلب فم أندريس.
أما أثينا فنهضت ووقفت بجانب ساسكيا قائلة باستخفاف: "خاتمك الصغير هذا جميل جداً"
كانت وحدهما عند المسبح بعد ذهاب أندريس ،أما المحاسب فقد أرسلته أثينا للقيام ببعض الاتصالات التليفونية كما ذهبت أوليمبيا لتساعد أمها في التجهيز لوصول الجد.
وتابعت أثينا: "لكن خاتم الخطوبة ليس ضماناً للزواج،تبدين لي فتاة عاقلة ياساسكيا.أندريس رجلاً غنياً جداً ومحنك.والرجال أمثاله يسأمون بسرعة ،ولابد أنك تعلمين هذا،كما أن حظك في الزواج من أندريس محدود جداً،وفي الحقيقة،سيصبح حظك أقل عندما يصل جد أندريس،فهو لا يريد أن يتزوجك أندريس،فهو يوناني قديم الطراز، ولديه خطط لحفيده الوحيد ولمستقبله العملي.
وسكتت أثينا وهي تنظر إلى ساسكيا متفحصة،وعلمت ساسكيا ما تفكر فيه،فأثينا أيضاً لديها خطط لمستقبل أندريس.
ثم تابعت وهي تحدق بساسكيا: "إذا كنت تحبين أندريس حقاً،فمن المؤكد إذن أن أمره يهمك أكثر بكثير من مشاعرك،و أندريس مخلصاً جداً لجده،آه،أنا أعرف أنه لا يظهر ذلك ولكنني أقسم لك أنه كذلك. فكري في ما سيحدث له عاطفياً،ولا أقول مالياً،إذا حدث صراع بينه وبين جده،ثم أن والدة أندريس وشقيقتاه تعتمدان مالياً على الجد..فإذا نفى الجد أندريس من حياته..حينئذ سينفى أندريس من حياتهن أيضاً"
وتأوهت أثينا بشكل مسرحي عميق ثم سألت ساسكيا مصطنعة: "إلى متى تظنينه سيستمر في الرغبة بك؟ حتى ينفيه جده من حياته؟ ويمكنني أنا افتعال ذلك ياساسكيا..وأنت تعلمين هذا..أليس كذلك؟ لأن جده يسمع كلامي،فهو يريد ضم أملاكي إلى أملاكه طبعاً هذه هي طريقة اليونانيين في حياتهم"
ثم منحت أثينا ساسكيا ابتسامة قاسية مضيفة: "ليس من عادة اليونانيين بالنسبة لمليونير السماح لوريثه بالزواج من أجنبية مفلسة.لكن دعينا نتحدث في أمر أكثر بهجة،إذ ليس هناك سبب يمنعنا من الوصول إلى تسوية بيننا..بإمكاني أنا الانتظار إلى أن يتركك أندريس،لكني سأكون صادقة معك،أنا أقترب من السن التي يصعب عليّ فيها الإنجاب لأندريس الأبناء الذين سيرغب فيهم.ولهذا،ولتسهيل الأمر لنا،نحن الاثنتين،لدي خطة أعرضها عليك وهي دفع مبلغ مليون جنيه مقابل خروجك من حياة أندريس..نهائياً"
شعرت ساسكيا بوجهها يشحب للصدمة التي اعترتها من مفاجأة أثينا لها.ثم تمالكت نفسها و أجابت بحدة: "لا يمكن للمال شراء الحب،وهو لا يستطيع أن يشتريني .لا مليون جنية ،ولا مئة مليون جنية ولا أي مبلغ"
و امتلأت عيناها دموعاً..فعزت ذلك إلى تأثير الصدمة..ثم أضافت: "وإذا أراد أندريس في أي وقت إنهاء خطوبتنا فهذا من حقه ولكن.."
فقالت أثينا وقد تلونت ملامحها بالغضب والحقد: "أنت حمقاء..أتعرفين هذا؟ أتظنين حقاً أن أندريس كان يعني ما يقول عن عدم إصراره على عقد اتفاقية لشروط ما قبل الزواج؟ ها سيطلب منه جده أن يجعلك توقعين على هذة الاتفاقية وعندما يسأم منك أندريس،ولا شك أنه سيفعل،لن تحصلي على شيء..حتى الطفل الذي قد تحملين منه سيؤخذ منك.فالرجال اليونانيين لا يتخلون عن أولادهم والأسر اليونانية لا تتخلى عن ورثتها"
لم تشأ ساسكيا أن تسمع أكثر من ذلك ،فهرولت إلى المنزل من دون أن تلتقط ثوبها،محاولة منع نفسها عن الركض وكأنها تهرب من شيء ما.
عندما وصلت إلى البيت ،كانت أوليمبيا خارجة من باب الفناء المفتوح فهتفت بقلق: "ساسكيا..؟" لكن ساسكيا هزت رأسها فحالتها لا تسمح لها بالحديث إلى أي شخص.لقد شعرت بإهانة كرامتها لما قالته أثينا لها ،وتملكها الغضب،كيف تجرؤ أثينا على الظن أن حبها للبيع ..وأن المال يعنيها أكثر من أندريس ،وأنها سوف..وفجأة توقفت ساسكيا..بماذا كانت تفكر؟
واستدارت ثم عادت خارجة إلا أنها التقت بأوليمبيا من جديد التي عادت لتتفقدها بعدما رأتها بذاك الاضطراب.
و أخبرت ساسكيا أوليمبيا بما دار من حديث بينها وبين أثينا ،ثم تابعت سيرها إلى الممر المؤدي إلى المنحدر الصخري.لقد كانت بحاجة إلى الانفراد بنفسها،ثم تراءت لها بوضوح سخرية ما حدث، فهي وافقت على القدوم إلى الجزيرة فقط لأن أندريس فرض عليها القيام بذلك،و لأنها لم تستطع خسارة وظيفتها،ومع ذلك،عندما توفر لها ما يمكنه أن يؤمن لها الاستقرار طوال حياتها،ليس لنفسها فقط ولكن لأجل جدتها الحبيبة أيضاً،و كذلك للهرب على الفور من وضعها غير المحتمل هذا،إذا بها ترفض ذلك المال.
أما أوليمبيا فركضت غاضبة نحو المكان الذي كانت فيه أثينا مستلقية تحت أشعة الشمس .فبعدما عرفته من حديثها مع ساسكيا لا بد من ابدأ رأيها فيها بصراحة ،إذ كيف تجرؤ على معاملة ساسكيا بهذا الشكل....محاولة رشوتها لتترك أندريس؟
أندريس!
ووقفت أوليمبيا فجأة..ربما عليها أن تخبر أخاها عما فعلته أثينا وتتركه يتصرف معها،فقد بدت ساسكيا في غاية التعاسة ، ولا عجب في ذلك.وفكرت أوليمبيا أن أندريس لن يشكرها على سلبه حقه في مواجهة أثينا.
وهكذا استدارت على عقبيها و عادت للفيلا تبحث عن اندريس | |
|
| |
حمادة الشاعري
| موضوع: رد: باقية رواية عاصفة الموت .. أحلام الإثنين سبتمبر 24, 2007 2:41 pm | |
| الفصل التاسع
((امرأة لرجل واحد))
عند أقل من ثلث ذلك الممر الذي يدور حول الجزيرة ، وقفت ساسكيا ثم استدارت على عقبيها . لن تستطيع المتابعة..فحبها لأندريس..ووجودها قربه كل يوم من ناحية،و من كل النواحي الأخرى الهامة، كل ذلك كان يمزقها وهو أكثر مما تستطيع مواجهته، إلا أن هناك فجوة بينهما لا يمكن عبورها.
و ببطء..أخذت ساسكيا تسير عائدة إلى الفيلا . لم يكن لديها فكرة عما عليها فعله .. هل تلقي بنفسها تحت رحمة أندريس ضارعة إليه أن يحررها من(اتفاقيتهما).
لا فائدة من أخباره بما فعلته أثينا، فهو لن يصدقها ولديه تلك الفكرة عنها،أضف أنها لا تريده أن يلم بحبها له. لأنه،إذا علم..عندما يعلم..وراحت تفكر بأن أندريس ليس أحمق ، أنه رجل أعمال داهية حاد الذكاء،ولن يطول به الوقت حتى يتكهن بما حدث، وبشعورها نحوه. وهذا شيء لا يمكنها احتماله.
عندما وصلت ساسكيا إلى الفيلا ،توجهت رأساً إلى غرفتها التي كانت خالية لحسن الحظ. فخلعت ثوب السباحة بسرعة ،ثم دخلت الحمام.
*****
-أندريس
همهمت أثينا باسمه بأغراء وهي تراه خارجاً من مكتب جده،فقاطعها: "ليس الآن،يا أثينا"
لقد أمضى الساعتين الماضيتين محاولاً التآلف مع مشاعره التي لم يكن يتوقعها أو يرغب فيها على الإطلاق،
والآن ، وقد وصل إلى قرار حاسم،أصبح متلهفاً إلى تنفيذه دون تأخير ، خصوصاً مع أثينا.
لم يعد ثمة فائدة من أخفاء الحقيقة عن نفسه أكثر من ذلك، أنه يحب ساسكيا .كيف؟ متى؟ وتملكه السخط عندما لم يصل إلى أجوبة لهذه الأسئلة رغم اجتهاده في التحليل.
قلبه.جسده.ومشاعره.وروحه.. كل ذلك أخذ يصر عليه مرة بعد مرة بحاجته إليها وإلى حبها. فإذا كان تعقله الذي يكافح كل ذلك مستميتاً،يجرؤ على الجدال فإن مشاعره ستجيب بأن حياته لن تستحق أن تُعاش.
حاول تذكير نفسه بمن تكون ساسكيا. لكن مشاعره رفضت الإصغاء. أنه يحبها كما هي. رغم الخطأ في الحكم عليها.. كيف أخطأ في الحكم عليها؟ وهي تلتقط الرجال في الحانات عارضة بيع نفسها لهم .. إن لم يكن من أجل النقود،فهو حتماً لأجل الحب الزائف الذي يعرضونه عليها.
وراح قلبه يبرر ذلك بأن ما تفعله ليس ذنبها،فقد حُرمت من حب الأب وهي طفلة. والآن ببساطة.تحاول تعويض ذلك ثم أطمأن لفكرته بأن حبه سيعوضها عن كل ذلك. وستنسى ماضيها كما سينساه هو،ا لمهم هو المستقبل الذي سيجمعهما معاً..المستقبل الذي لا يعني له شيئاً من دونها.
وهكذا سرح بأفكاره،تاركاً العمل الذي يفترض به إنجازه، و ها هو الآن في طريقه للبحث عن ساسكيا ليخبرها،ليطلب منها. .ليتوسل إليها أذا أقتضى الأمر.
وسأل أثينا متشوقاً لأخبار ساسكيا بحبه : "هل مازالت ساسكيا بالخارج؟"
ضاقت عينا أثينا. كانت تعرف هذة النظرة في أعين الرجال .وأن تراها الآن في عيني الرجل الوحيد الذي تريده، أمر لا يطاق. فإذا كانت لم تستطع أغراء ساسكيا بترك أندريس. فيجب أغراء أندريس بترك ساسكيا.وأثينا تعرف بالضبط كيف تجعل هذا يحدث، وعلى الفور تصنعت نظرة قلق: "ألم تعلم؟ لقد ذهبت تتمشى...مع أريستوتل. أنا أعلم أنك لا تحب قولي هذا،ياأندريس، ولكن حسناَ،كلنا نعلم كم يحب أريستوتل النساء، وقد أظهرت ساسكيا بوضوح أنها تتقبل ذلك...ليس أثناء وجودك طبعاً"
-أندريس
حاولت أوليمبيا إيقافه بعد ذلك بعدة دقائق لإخباره بما حدث لكنه رفض الوقوف والإصغاء قائلاً: "ليس الآن أوليمبيا،مهما كان الأمر.." وأسرع نحو الممر المؤدي إلى جناحه وعرفت أوليمبيا أن أخاها غاضب ، فهزت رأسها،حسناً،ما تريد إخباره لن يخفف من مزاجه السيئ. ولكن عليه معرفة ما حدث بين ساسكيا وأثينا.
ودخل أندريس صافقاً بالباب خلفه منادياً:"ساسكيا؟"
شحب وجه ساسكيا لرؤيته،كانت تلف نفسها بالمنشفة بعد أن استحمت.
| |
|
| |
حمادة الشاعري
| موضوع: رد: باقية رواية عاصفة الموت .. أحلام الإثنين سبتمبر 24, 2007 2:42 pm | |
| سألها بشك: "لماذا أستحميت؟"
فحدقت به بإرتباك: "كنت أتمشى وكان الجو حار و..."
وتملكت أندريس غيرة تفجرت في داخله محدثة ألماً يكاد يكون مميتاً لإعتقاده بأنها كانت مع أريستوتل ومثل كل رجل عاشق لم يستطع احتمال التفكير في أن حبيبته بين ذراعي رجل آخر.فتصرف تبعاً لذلك. أمسك بها،فأنغرزت أصابعه في لحم ذراعها الطري بشكل مؤلم، وقال والغيرة تنهشه "لم تستطيعي الصبر،أليس كذلك؟. .إلى أين أخذك؟"
فاحتجت ساسكيا صارخة: "أخذني..؟" احتارت بين كلماته وتصرفه هذا: "من الذي.." لكن أندريس لم يكن يصغي وأضاف وقد سيطر عليه الغضب والغيرة : "هل حدث ذلك هناك، في العراء في الهواء الطلق،حيث يمكن أن يراكما كل إنسان؟
هذا ما تحبينه، يا ساسكيا..تحقرين من نفسك كليا إلى أن..ولكن،طبعا أنت تفعلين هذا. فأنا سبق وعرفت ذلك،أليس كذلك؟ تريدين أن يعاملك الرجل بشكل سيء،أن يستعملك ثم يرميك وكأنك.. حسنا، إذن،إذا كانت هذة هي الطريقة التي تحبينها،لنر إذن إذا كان بإمكاني الوصول إلى المستوى الذي يعجبك . إذا كان بإمكاني منحك ما تريدينه"
فقد أندريس السيطرة على نفسه،فهو يريد وقد تملكه انفعال شديد،أن يدمغها بملكيته لها..أن يجعلها امرأته وحده ويمحو من ذاكرتها كل فكرة عن رجل آخر .. وراحت ساسكيا تنظر إليه مندهشة و تتساءل متالمة :
"ماالذي حدث لكي يتحول أندريس من ذلك الرجل البارد المنصرف عنها الذي ألفته، إلى هذا الرجل المتفجر بالغضب والمشاعر المحمومة الذي تواجهه الآن؟
"كانت عاطفته محمومة مدمرة، و دار رأسها. عاطفة تتفجر من أندريس في هياج لا حد له ، أنه يجرها بذلك إلى الخطر والإثارة.
أليس هذا ما كانت ساسكيا تريده سرا،أن يحدث؟ أن ينظر إليها أندريس نظرة رجل لم يعد يستطيع مقاومة مشاعره نحوها؟
وعندما رأت أندريس قد فقد السيطرة على نفسه ،أطلقت العنان لمشاعرها وأشواقها هي أيضا أحتضنها بشده قائلا: "أنتِ لي....لي..ياساسكيا..و ما هو لي أريده كليا وكاملاً"
شعرت ساسكيا بقشعريرة في جسدها تجاوبا مع احتضانه لها وأخذ قلبها يخفق بعنف.. ثم همست بصوت أجش غير مألوف: "عانقني ياأندريس" أتراها قالت هذا حقا؟ و ازدادت عينا أندريس لمعانا وحرارة.
-آه،لك ما تريدين عزيزتي ثم انحنى إليها يعانقها ويعانقها،ولكم شعرت بالراحة والفرحة تغمر قلبها عندما أصبحت بين ذراعيه اللتين طال شوقها إليهما.
ثم راحت تهمس بصوت رقيق و دافئ باسمه: "أندريس...أندريس"بينما كانت تداعب شعره بأصابعها
ومن فوق كتفها ،لمح أندريس صورتهما متعانقين في المرآة ،كانت تبدو رائعة كتحفة فنية مذهلة لكنها لم تكن تمثالا أبد بل امرأة من لحم حي يتنفس، وكان مجرد شعوره بلذة عناقهما،يمحو كل شيء ما عدا شعوره نحوها.
كان يحتضنها ويشدها إليه سعيدا،مسرورا،وأحست ساسكيا بأنها هنا، بين ذراعي أندريس،في أجمل طريقة ممكنة،وفي غمرة ذلك نسيت ساسكيا ما كانت تريد أخبار أندريس به،ولماذا هي مضطرة للرحيل، فهذا ماكانت تريده أن يحدث منذ البداية..منذ اللحظة التي وقعت فيها نظراتها عليه.
خففت الستائر الثقيلة التي كانت ساسكيا سحبتها على النوافذ الواسعة قبل دخولها الحمام.. من أشعة الشمس الساطعة وجعلت الغرفة تسبح في وهج ناعم هادئ. وعندما حملها أندريس بين ذراعيه وضمها إليه،همست ساسكيا بشوق بالغ: "أريدك،إلى أقصى حد..
وسكتت وقد غامت عيناها بمزيج من اللهفة والتردد عندما سمعت صوتها وأدركت الخطر الذي ستواجهه.لكن الأوان قد فات.فقد سمعها أندريس وأجاب بلهفة: "قوليها مرة أخرى،ياساسكيا أخبريني"
في عالمها الخاص أصبح أندريس حجر مغناطيس الذي يجذبها إليه..محور كل شيء تتعرف إليه وكل ما أرادته في حياتها ..فقالت له بحرارة: "أريدك....أريدك ياأندريس..أنا"
وارتجفت غير قادرة على قول المزيد و تشابكت نظراتها الرقيقة الواهنة الذاتية بنظراته العنيفة الملتهبة. ثم قال لها بخشونة: "وأنا أريدك ياساسكيا أكثر مما أستطيع القول"
ثم خفف من خشونة كلماته بعناق آخر أكثر حميمية حيث بدا لساسكيا من خلاله وكأن الجو حولهما أخذ ينبض بعنف مشاعرهما، وشعرت بأنها أصبحت أسيرة له،ولكن شيئا من الخوف في هذة الهنيهات أخذ يتسلل إليها ولم تدر لماذا أخذت الدموع تنهمر من عينيها وكان جسدها قد تشنج أيضا بين ذراعيه فارتد عنها وهمس: "لم هذة الدموع؟ ولماذا تبتعدين عني؟"
| |
|
| |
حمادة الشاعري
| موضوع: رد: باقية رواية عاصفة الموت .. أحلام الإثنين سبتمبر 24, 2007 2:42 pm | |
| كانت الدموع تتابع جريانها،فهمست شفتاها وهي ترتجف: "ربما لإنها المرة الأولى التي يقترب فيها رجل مني إلى هذا الحد"
فاتسعت حدقتا عينيه عندما فهم ما تقصده بقولها ..ولكن لا.. لقد كان شيء في داخله يريد رفض ما يراه واضحا أمامه. .لا، لا يمكن أن تكون طاهرة نقية..ولكنها كذلك فكل نبض جسدها كان يوحي بهذة الحقيقة.
نظر إليها ،وكانت مازالت تبكي بدموع صامته، ترى هل هذة الدموع بسببه؟
وتهربت أفكاره من الحقيقة....الحقيقة التي كان ذهنه يحاول فرضها عليه، لا يمكن أن تكون عذراء هذا مستحيل!
لكن ضميره وغضبه من نفسه أخبراه بأن تفكيره صحيح ..وأنها كذلك وأبتعد عنها شاعراً بالغثيان من نفسه فمدت يديها إليه بتردد وهي تهمس باسمه: "أندريس" لماذا أبتعد عنها؟
ثم قالت له ضارعة: "ماذا حدث؟..أي شيء سيء؟
فأجاب متوترا:"وهل أنتِ بحاجة للسؤال حقا؟ أنتِ.... أنتِ عذراء"
كان الغضب في صوته يمحو بهجتها ليحل مكانها اليأس والقلق لقد أتضح لها الآن أن أندريس ثائر على نفسه لعدم بصيرته أنها عذراء، ومع ذلك أساء الظن بها أي إساءة؟
كان مشمئزا من نفسه،وقد جرحت كرامته بسبب إساءة حكمه عليها كليا.
ثم قال لها وهو مازال متوترا: "ما كان عليك تشجيعي منذ البداية بل كان عليك صدي وأخباري بالحقيقة"
وتساءلت ساسكيا بتعاسة:
"ترى ماالذي سيقوله لو أخبرته بأن أخر شيء كانت تريده هو منعه عنها؟ ثم أنفجر قائلا بعنف: "أنتِ غير آمنة في الخروج وحدك. أنت تعرفين هذا.أليس كذلك؟ ..لكان أريستوتل.."
فصاحت ساسكيا باشمئزاز بان في صوتها وعينيها: "أريستوتل!" ثم ارتجفت وهي تقول له ثائرة: "لا،أبدا..إنه مقزز للنفس و.."
-"لكنك ذهبت تتمشين معه" -"لا..لم أفعل
فألح قائلا: "أثينا قالت أنك ذهبت تتمشين.."
لكن ساسكيا لم تدعه يكمل: "نعم،هذا صحيح،ولكن وحدي،كانت هناك أشياء أردت أن.."
وسكتت وهي تخفض رأسها وتنظر بعيدا عنه، ثم قالت بجدية: "أريد الذهاب إلى بلدي،ياأندريس لا أستطيع.." فأدرك ما تريد قوله،كما أدرك سبب ذلك ،فهي تريد الابتعاد عنه.
فعاد وسألها: "لماذا لم تخبريني من قبل أنك عذراء"
فراحت ساسكيا تفكر بغضب: كيف بلغت بها الحماقة أن تظن بأنه يشعر نحوها بما تشعر هي به نحوه؟
لابد أنها كانت مجنونة...مجنونة....مجنونة بحبه!ثم سمعته يقول بهدؤ: "ظننت ياساسكيا.." فجاء دورها لتقاطعه: "أعرف ماذا كنت تظن .لقد سبق وأوضحت لي جيدا ما تظنه بي، يا أندريس
ظننتني امرأة رخيصة حمقاء تلقي بنفسها عليك لأجل أموالك ، وقد حاولت أن أشرح لك قصتي فرفضت الإصغاء إلي، أسأت الحكم علي وصدقت عني الأسوأ، وأظن أن كبرياؤك اليونانية ماكانت لتسمح لك بالإقرار بأنك قد تكون مخطئا"
نظر إليها أندريس مندهشا وأدرك أن غيرته أدت إلى الإساءة إليها ومعاملتها بطريقة فظة، وتمنى لو يستطيع أن أخذها بين ذراعيه، ليمسح آثار الدموع عن وجهها،وأن يحتضنها ويهمس في إذنها كم يحبها وكم يريد حمايتها والاهتمام بها.. تمنى أيضا،أن تكون معبودته وتبقى معه إلى الأبد ليخبرها بشعوره الحقيقي نحوها.
ولكي يصرف ذهنه عن مشاعره،وعن رغبته بها،قال لها بخشونة: "حسنا أشرحي لي كل شيء الآن،أنا أصغي"
مضت لحظة فكرت فيها ساسكيا بالرفض ولكن ما الفائدة؟ ستخبره الحقيقة، وبعد ذلك ستفصح عن نيتها بالرحيل ..لكنها طبعا لن تخبره السبب.
ثم وللحظة واحدة ،تمنت ساسكيا لو أن أندريس يحتضنها ويكف عن إيلامها بكلمات لا تريد سماعها، كما تمنت أن يعانقها ليطمئن قلبها المسكين المخدوع ،مرة أخرى،بأنه يحبها كما تحبه .
ولكن لحسن الحظ بقي لديها ما يكفي من غريزة حفظ الذات لكي تمنعها من قول هذا التمني له، ثم أخذت نفسا عميقا وبدأت تشرح قصتها مع ميغان ومارك و لورين،وسألها أندريس غاضبا: "جعلتكِ ماذا؟"
وذلك عندما راحت تحدثه مترددة عن لورين وإصرارها على أن تجعلها تبدو أكثر إغراء للإيقاع بمارك الذي تبين فيما بعد أنه أندريس.
ودقت أوليمبيا الباب،ثم فتحته ودخلت لتخبرهما: "جدي وصل وهو يري رؤيتكما ،أنتما الاثنين"
فتمتمت ساسكيا بخجل: "الأفضل أن أرتدي ملابسي" بدت أوليمبيا غافلة عن ارتباكها وهي تضيف بسرعة:
| |
|
| |
| باقية رواية عاصفة الموت .. أحلام | |
|